ظنّت السلطة أنها بابتزاز الخطباء والأئمة وتهديدهم بقطع الأرزاق ستفلح في تحويل دور المسجد من منبر للدعوة والإسلام والصدع بالحق والجهر به وتبصير المسلمين بقضايا أمتهم إلى منبر سلطوي يسبح بحمد السلطة صباح مساء، ونسيت تلك الغِرّة بأن قول كلمة الحق ومحاسبة الخطيب حتى ولو كان حاكماً وأميراً للمؤمنين هو سلوك قد تجسد في الأمة منذ عهد الخلافة الراشدة إلى العهد الأموي فالعباسي مروراً بابن حنبل والعز بن عبد السلام وانتهاءاً بيومنا الراهن.
فلقد شهدت الجمعة المنصرمة حدثاً هاماً على مستوى فلسطين، حدثاً عبّر عن مدى ما وصلت إليه السلطة في استخفافها بأهل فلسطين وتعدّيها عليهم حتى مست عباداتهم، وعبّر في الوقت نفسه عن مدى البون الشاسع الذي يفصل بين السلطة وأهل فلسطين ويدحض كذبة تمثيلها لهم...