إن هذه الوفود البرلمانية ليست وفودًا إنسانية أو حتى وفودًا فردية، إنما هي وفود سياسية من هيئات رسمية في دولها ويُراد لها أن تبدو غير رسمية، حيث إن دول أوروبا تريد أن تُبقي بابًا خلفيًا بينها وبين حكومة غزة بحيث تجعلها قريبة من أطروحاتها، وهذا أسلوب غير جديد على السياسة الاستعمارية بشكل عام، فقد سبق والتقى عرفات قبل رحيله عن بيروت إلى تونس وفدًا من الكونجرس الأميركي برئاسة ماكلوسكي في 25/7/1982م ووقع معه وثيقة اعترف فيها بقرارات الأمم المتحدة وبحق "إسرائيل" في الوجود..
والمتابع الدقيق للشعارات التي ترفعها هذه الوفود من مثل تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، يجد أنها ليست ضد وجود كيان يهود وإنما تريد تأمين استمرار وجوده من خلال تصفية قضية فلسطين بسيناريو الدولتين أو "الدولة الواحدة ذات الطابع اليهودي والسيادة اليهودية"، دولة يهود القوية على معظم فلسطين إلى جانب كيان هزيل لأهل فلسطين على جزء صغير منها. فهم لم يأتوا حبًا في الإسلام أو فلسطين ولا وقوفًا مع المظلوم، وإنما ليوجهوا الدفة نحو موضوع حصار غزة بعيدًا عن مشكلة الاحتلال لكامل فلسطين، ويسرقوا المواقف ممن يستقبلهم ويرحب بهم تحت هذه الشعارات، إلى أن تصبح هذه المواقف المسروقة أمرًا واقعًا لا يمكن التراجع عنه.
إن بريطانيا التي هدمت الخلافة بمعونة خونة من العرب والأتراك، وأعطت يهود وعد بلفور، و دول أوروبا التي مزقت بلاد المسلمين بعد سايكس بيكو، وما زالت تقتلنا في العراق وفي أفغانستان، لا يمكن أن تكون صديقة للمسلمين بحال من الأحوال، وإنما تكيد لنا كيدًا.
لذلك فإن رحلة البحث عن التأييد والمساندة عند هذه الدول المحاربة للإسلام وقضايا الإسلام نهايتها تبني رؤية هذه الدول سواء بشكل ضمني أم صريح، وهذا بطبيعة الحال يصب في تصفية القضية وليس في التحرير أو الصمود.
أيها المسلمون:
إن طريق تحرير فلسطين المباركة قد سلكه أسلافنا ونجحوا، فقد وحّد صلاح الدين طاقات الأمة في عمل دؤوب استمر سنوات ثم اتجه لتحرير بيت المقدس، ويكون اليوم بنبذ أهل فلسطين للمشاريع الغربية وعلى رأسها مشروع السلطة، واستنهاض الأمة والعمل فيها بجد لتخلع عنها ذل الأنظمة وتقيم الدولة الإسلامية (الخلافة) فتتجه قواتها المسلحة الإسلامية نحو كيان يهود البغيض فتجعله أثرًا بعد عين بإذن الله.