اعتذر رئيس وزراء السلطة د.سلام فياض عما جرى في المؤتمر الذي دعت له قوى وشخصيات معارضة للمفاوضات المباشرة مع "إسرائيل"، في قاعة البروتستانت، في مدينة رام الله يوم الأربعاء الماضي، معتبراً "أن ما حدث يشكل قصوراً واضحاً وخللاً كبيراً" .
وأضاف: "وكرئيس للحكومة، فإنني أتحمل المسؤولية كاملة إزاءه واعتذر عنه". وعبر فياض عن الثقة بعدم تكرار الحدث مرة ثانية.
*****
يحمل اعتذار فياض عما اقترفته أجهزته الأمنية في رام الله دلائل عدة، ليس أقلها أن السلطة تصنف المواطنين درجات وتتعامل معهم بمكاييل شتى بحسب توجهاتهم، وأن روايتها الرسمية للأحداث غالباً ما تكون كذبا وتزويرا.
فالسلطة التي قدم رئيس وزرائها اعتذاراً عن اقتحام قاعة البروتستانت ففضت مؤتمراً، لا ترى غضاضة في اقتحام بيوت الله وتدنيسها بالأحذية والاعتداء على المصلين بالهراوات والأدوات الحادة "البومة" في مناطق شتى من الضفة الغربية ومنها رام الله، ولا يقدم رئيس وزرائها اعتذاراً لذلك، فالسلطة ترى في فصائل منظمة التحرير رديفاً لها في مشروع تصفية فلسطين وإن كانوا في صف المعارضة، بينما ترى المسجد بما يمثله من طرح شرعي يناقض مشروع التصفية الذي تسير فيه السلطة، خطراً محدقاً بها.
كما أنها دأبت في السنوات الأخيرة على قمع أعمال جماهيرية ومؤتمرات تدعو لإقامة الخلافة -التي تؤرق الولايات المتحدة ولية نعمتها- وتعتقل المئات وتعتدي بالضرب على المشاركين في تلك الفعاليات السلمية دون أن ترى في جرمها هذا فعلاً مشيناً بل تراه طاعة تتقرب بها زلفى إلى أعتاب واشنطن.
ويأتي اعتذار فياض هذا ليبين للعامة مدى كذب الرواية الرسمية التي تعتمدها السلطة، حيث سبق للناطق باسم أجهزتها الأمنية أن نفى أن تلك الأجهزة قد فضت مؤتمراً أو منعته أو تعرضت له، وهذا الحدث عينة عن كذب وتزوير رواية السلطة للأحداث على اختلافها.
إن جرائم السلطة التي ترتكبها بحق بيوت الله وبحق الداعين لإقامة شرع الله أكبر من أن يتقدم فياض أو حتى عباس عنها باعتذار في مؤتمر صحفي عابر بل هي وصمة عار وجرم عظيم سيبقى ملتصقاً بهم ما لم يثوبوا إلى رشدهم ويقلعوا عن جرمهم وجرم السير في مشاريع تضييع فلسطين وصدهم عن سيبل الله، فالله عزوجل قد توعد هؤلاء وأمثالهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة بقوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) وساعتئذ ولات حين مندم ولن تشفع لهم معذرتهم ولو بلغت عنان السماء.
31-8-2010م