في الوقت الذي يُحاصر فيه أهل غزة من قبل كيان يهود والنظام المصري من جهة وتواطؤ من باقي الحكام من جهة أخرى، يأتي انقطاع التيار الكهربائي بسبب توقف إدخال السولار الصناعي اللازم لتشغيل محطة التوليد الوحيدة في القطاع ليزيد معاناة المحاصرين فوق معاناتهم، بينما يسبح حكام المسلمين فوق بحار من النفط والغاز والثروات الطبيعية ينفقونها على حراسة عروشهم الخاوية والسهر على تنفيذ مخططات أسيادهم الغربيين.
وقد جاءت هذه الأزمة بعد توقف الاتحاد الأوروبي عن دفع الأموال لإمداد محطة الكهرباء بالسولار اللازم لتشغيلها، وذلك في الوقت الذي تتقاطر فيه وفود برلمانييهم لسرقة المواقف مظهرة التضامن مع أهل غزة بعد الحصار والعدوان الأخير عليهم.
إن حقيقة الأمر أن مناطق سلطتي غزة ورام الله ما زالت تحت الاحتلال، والمتنازعون عليها يتنازعون لأداء دور إدارة تحت الاحتلال فلا يوجد أي نوع من السيادة ليتم التنازع عليها، فمحطة الكهرباء يتم إدخال وقودها يومًا بيوم من الاتحاد الأوروبي مقابل أثمان سياسية، وكل شيء يلزمها من معدات أو وقود لا يدخل إلا بإذن يهود، وإن أزمة الكهرباء في غزة لن تحل بإدخال المزيد من السولار الصناعي، إذ أن محطة التوليد دائمة الأعطال بعد قصف يهود للمحوّلات، عدا عن أن إنتاجها لا يغطي متطلبات القطاع.
إن المشكلة ليست في زيادة الدعم الأوروبي أو الأميركي للكهرباء أو الصحة أو التعليم أو رواتب الموظفين وغيرها فهذه الأموال تهدف لشراء المواقف وتثبيت السلطة تحت الاحتلال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)، بل المشكلة في تقاعس حكام البلاد الإسلامية المكتنزة بالثروات عن نجدة إخوانهم، وأهل فلسطين غير مقطوعي الصلة جغرافيًا بالعالم الإسلامي فمصر لا يفصلها عن غزة سوى عشرات الأمتار وجدار معنوي فكري متمثل في الوطنية المقيتة.
والأهم من ذلك كله أن مشكلة فلسطين ومن ضمنها غزة تكمن في الاحتلال، والمسلمون قادرون على إزالة هذا الاحتلال بشكل قطعي فحدود مصر والأردن وسوريا ولبنان تشتاق لمعركة حقيقية تستأصل شأفة يهود، ولكن الحكام العملاء وسياساتهم الذليلة التابعة للدول الاستعمارية تمنع أي تحرك نحو التحرير، وتصب في خدمة خطة تسليم معظم فلسطين ليهود المسماة "حل الدولتين"، وتحارب حزب التحرير الذي يعمل في الأمة وجيوشها لتتحرك تحركًا حقيقاً نحو التحرير.
إن لسان حال أهل فلسطين و أهل غزة خصوصا ينطق فيقول: إلى متى تبقى إرادة الأمة وجيوشها أسيرة لحكامها العملاء؟ متى تشتعل العقيدة في قلوب القوات المسلحة فتهب لنصرة الإسلام وفلسطين؟ متى يستجيبون لقول الله تعالى: (وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ)؟
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ(
28-1-2010