السلطة الفلسطينية التي لم يخجل رئيسها عباس أن يقول بكل وقاحة في لقاء أجرته معه صحيفة "هآرتس الإسرائيلية"، فيما نقلته جريدة القدس بتاريخ 16-12-2009: "لقد قدمت خريطة الطريق مطالب من جميع الاطراف. كان علينا ان نوقف الهجمات الإرهابية، الاعتراف بإسرائيل وحتى وقف التحريض. لذا تعال وانظر ما قد فعلنا. على الرغم من أنّ اللجنة المشتركة لمكافحة التحريض لم تعد فعالة، فقد عملنا ونعمل ضد التحريض. قالوا إن هناك مشكلة في التحريض خلال خطب الجمعة في المساجد. اليوم لم يعد هناك المزيد من التحريض في اي مسجد".
 
والسلطة الفلسطينية التي تعمل منذ شهور على تهميش دور الخطباء وتحويلهم إلى أبواق للسلطة من خلال  فرض وإملاء موضوعات خطبة الجمعة على خطباء المساجد بما يخدم برامج السلطة وخططها، وبما يفرّغها من مضامينها المتعلقة بالشؤون العامة وحياة الناس ومصالحهم، وهي تريد أن تحول صلاة الجمعة إلى مجموعة من الطقوس والمواعظ، فتجسد بذلك فصل الدين عن الحياة، فيصدق عليها قول الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }البقرة114.
 
حتى وصل بها الأمر إلى محاصرة أي مبادرة للخيّرين من أبناء المسلمين لبناء مساجد جديدة، من خلال فرض قانون جديد يتطلب موافقة وزارة الأوقاف والحكم المحلي لبناء المساجد، والعمل على إغلاق ما تعتبره "مصليات صغيرة". وفوق ذلك هي تبتز خطباء المساجد وتهددهم بقطع أرزاقهم وتسجن شباب حزب التحرير الذين يقولون كلمة الحق في المساجد.
 
وبعد كل هذا يأتي وزير الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة محمود الهباش ليدين عزم سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" هدم مسجد سلمان الفارسي بقرية بورين بمحافظة نابلس بحجة عدم الترخيص. وليقول: "إنّ  الاحتلال وخلال المرحلة السابقة عمد لسلسلة من الإجراءات على الأرض تهدف لتضييق الخناق على المواطنين من خلال منعهم من دخول القدس والمسجد الاقصى، واعتداءات المستوطنين على المساجد واحراقها والحاق الضرر المادي بها."
 
 مع أنّ الواقع يشهد على أنّ السلطة قد فاقت بتصرفاتها همجية يهود ضد المساجد، أو تكاد. وقد شهد عباس على سلطته بنفسه بأنّها أصبحت تحارب كلمة الحق في مساجد الله، وسلوك السلطة وأعمالها المذكورة أعلاه أكبر دليل وشاهد على أنّ السلطة تعادي دين الله وتوالي أعداءه.
 
وما جعجعات الهباش وغيره من وزراء السلطة إلا للإستهلاك الشعبي، و"عيش الدور" دون أن يكون لهم في السيادة ناقة أو جمل. وليبقوا حاضرين في وسائل الإعلام التي يظنون أنها تصنع الرجال.
 
فالأولى بالهباش وبغيره من وزراء السلطة الذين اعتادوا على الانتقاد اللطيف والناعم لكيان ليهود، أن يكفوا عن خدمته ورعاية مصالحه إن كان فيهم ذرة من إيمان، وأن يخلوا بين الناس وبين عبادة ربهم لعلهم بذلك يكفرون عن الحصاد الأثيم الذي ملئوا به صحائفهم فباتت سوداء مظلمة.
 
29-1-2010