تعليق صحفي

بل الخلافة وعد الله وحكمه وبشرى رسوله ونهجه يا علماء السوء! أفلا تتقون؟!

قال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة إن الإسلام لم يضع قالبا جامدا للحكم، منتقداً "من يتخذون من قضية الخلافة وسيلة للمتاجرة بالدين، واللعب بعواطف العامة، ويسقطون بعض النصوص إسقاطا خاطئا دون أي دراية بفقه الواقع."

تصريحات جمعة هذه هي البدار الأول لمقررات مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقد في الأزهر -التي ستترجم لخمس لغات وستوزع على معظم جامعات العالم وسيوزع منها نصف مليون نسخة على الوعاظ والمدرسين- والتي هاجم فيها المؤتمر فكرة الخلافة ولوى أعناق النصوص التي تبشر بعودتها وبظهور الإسلام على الدين كله، ليرسخ الواقع وهيمنة حكم الرأسمالية الاستعمارية في بلادنا والعالم.

إن علماء السلاطين الذين ائتمروا وكادوا للإسلام ومشروع الخلافة في القاهرة خدمة لمشروع أمريكا للمنطقة وخضوعاً لمتطلبات الحكام النواطير أدوات الغرب وشركائه في حربه، جاؤوا ببهتان عظيم، إذ تعدّى قولهم أن الإسلام لم يحدد شكلاً معيناً للحكم إلى ليّ أعناق النصوص فوصفوا عودة الخلافة بالوهم الذي لا يطابق الواقع، وأن قول الرسول الكريم "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها" وحديثه عن فتح رومية، مجرد مبالغة ومجاز لا حقيقة! لقد جاءوا شيئاً إدّا إذ وصفوا بشرى الرسول الكريم بالوهم، وقوله بالمبالغة، ولبسوا ثوب الفقه واللغة وثيابهم ثياب سلاطين وفقههم فقهٌ على ذهب المعز وسيفه (إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).

إن تسليط الحكام لعلماء السوء على المسلمين ليضللوهم بشأن الخلافة وعودتها هو علامة على مدى تغلل فكرة الخلافة لدى المسلمين وتطلعهم بحرقة لعودتها راشدة على منهاج النبوة كما بدأت، وهو ما يقلق الحكام ومن قبلهم أسيادهم الكافرين المستعمرين.

إن شكل نظام الحكم في الإسلام هو شكل ظاهر كالشمس في رابعة النهار وهو من أبجديات السياسة الشرعية، والنصوص الشرعية التي ذكرت الخلافة والبيعة مستفيضة وعصية على التأويل والتحريف، وشكل الحكم الذي سار عليه الرسول الكريم هو نفسه الذي سار عليه الصحابة الكرام ومن سار على دربهم، وهو ما طبقه المسلمون طوال 1400 عام، أما ما تخلله في بعض الفجوات التاريخية من أخطاء في التطبيق لم تخرجه عن وصفه ورسمه، بل بقي نظام حكم متميز حتى هدمت الخلافة في عشرينات القرن المنصرم بفعل المستعمرين وأدواتهم.

لذا فأن يصطف "عالمٌ" أزهريٌ إلى صف العلمانيين الذين يحاربون فكرة الخلافة، ويعارض صريح النصوص ويؤولها بما لا تحتمل هو أمر مستنكر أيما استنكار.

إن العلماء هم ورثة الأنبياء إن حفظوا الدين وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة، وهم يلجمون بلجام من نار إن خانوا أمانتهم وكتموا العلم واشتروا به ثمناً قليلا، وإن الله قد أخذ عليهم ميثاقاً غليظاً ليبينّنه للناس ولا يكتمنونه، فحريٌ بهم أن يصدعوا بالحق لا يخشوا في الله لومة لائم، وأن يعلنوا براءتهم من كل عالم سلطان كتم الحق أو ظاهر الباطل لدنيا يصيبها أو طلباً لرضا حاكم أو خشيةً من سطوته، فالله هو الملك الجبار وبيده مقاليد السماوات والأرض، والله ناصر دينه ولو كره الكافرون والمنافقون وعلماء السوء، فيجب على من بقي لديه بقية من علم وتقوى أن ينحاز لدينه وأمته وأن يكون من الساعين لعزتها واستعادة خلافتها وعد الله وبشرى رسوله (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ) "...ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، ومن سقط في شراك الحكام والمستعمرين وباع دينه بدنيا غيره فذلك هو الخسران المبين.

(وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)

12-12-2014