طالب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بمساءلة إسرائيل عن أسلحتها النووية أسوة بمناقشة الملف النووي الإيراني. جاء ذلك ضمن خطابه في المؤتمر الثالث لحزب العدالة والتنمية الحاكم والذي أعاد انتخاب أردوغان زعيما له.

وقال إن على المؤسسات الدولية أن تحاسب "إسرائيل" على استخدامها أسلحة الفسفور الأبيض في حربها على قطاع غزة.
وتساءل أردوغان عن مصير المليارات التي وعد بها العالم في شرم الشيخ بمصر لإعادة إعمار غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليه أواخر العام الفائت وبداية العام الحالي.
وأشار إلى أن القطاع ما زال ممنوعا حتى اليوم من الإسمنت "ولولا قليل من الحياء لمنعوا عنه الغذاء والدواء كذلك"، رغم أن ما يصل القطاع منهما غير كاف لأكثر من 1.5 مليون إنسان.
 المصدر: الجزيرة
*****
لقد باتت مهاجمة "إسرائيل" - بالكلام والتصريحات فقط- ورقة رابحة عند حكام المسلمين كلما احتاجوا إلى رفع شعبيتهم وكسب الأصوات واستمالة النفوس، فقبل أيام كان لأحمدي نجاد تصريحاً نارياً دعا فيه العالم إلى محاربة "إسرائيل" وطالب بتحقيق في المحرقة اليهودية. تصريح أتى بعد أن تراجعت شعبيته وشعبية خامنئي وباتت مكانتهما مهددة في إيران ليساهم بتصريحه في رفع شعبيته على حساب مهاجمة عدوة المسلمين "إسرائيل".
وكذلك فعل رجب طيب أردوغان الذي صرح التصريحات النارية بحق "إسرائيل" في مؤتمر دافوس دون أن يتبع ذلك أي تصرف تجاه كيان يهود، بل وعندما طُولب بقطع العلاقات مع كيان يهود رفض ذلك. وكل ما في الأمر أن تصريحه كان قبيل موعد انتخابات البلدية في تركيا التي كان بحاجة إلى رفع أسهم حزبه فيها.
وهنا مرة أخرى يستخدم أردوغان حصان طروادة ذاته - مهاجمة "إسرائيل" - في المؤتمر الثالث لحزب العدالة والتنمية الحاكم والذي أعاد انتخاب أردوغان زعيماً له. فالمسألة واضحة والغاية من العنتريات الكاذبة بينة جلية لكل من يضع النقاط على الحروف فلا داعي للتدليل على كذب عنتريات أردوغان وخداعه للمسلمين، فمواقفه الحقيقية من كيان يهود تفضحه ولا يمكن إخفاؤها.
ومع أنّه من المحزن أن نرى بعض المسلمين ينخدعون بحركاته البهلوانية فيظنون فيه إخلاصا أو رجاءً كما يظهر من بعض تعليقات القراء على الخبر كما وردت في المصدر. ولكن الأمر ليس محزناً كثيرا، بل هو مفرح من ناحية ثانية.
أما لماذا الأمر ليس محزنا كثيراً فلأن بعض القراء أو ربما الكثير منهم إنّما يمدح أردوغان ويظن فيه بعض الخير لأنّه يقارن أردوغان بغيره من حكام المسلمين الذين لا يخرج منهم حتى الكلام ضد كيان يهود كحكام مصر والأردن والسعودية ...الخ. فالمسألة عند البعض نسبية ليست أكثر، ولأن أردوغان يتقن خداع الأمة أكثر من غيره بتستره بعباءة الإسلام فهم معذورون نسبياً.
أما لماذا الأمر مفرح فلأكثر من سبب:
لأنّ عداء الأمة لكيان يهود أصبح مسلمة لا شية فيها إلى درجة أجبرت الحكام على التعامل مع هذه المسلمة ومحاولة استغلالها، فرغم الجهود الجبارة التي تبذلها أمريكا وحكام المسلمين في تطبيع العلاقات مع كيان يهود إلا أنّهم عجزوا عن حمل المسلمين على تغيير نظرتهم إلى هذا الكيان الجرثومي.
ولأنّ علمانيو تركيا بشقيهم الكمالي والأمريكي الذي يلبس عباءة الإسلام، رغم أنّهم يحاربون الإسلام ليل نهار في تركيا، ويعملون بالسر والعلن على إدخال العلمانية في عقول المسلمين إلا أنّ الإسلام مازال يملك النفوس ويتربع في القلوب. وهذا ما دفع أردوغان وحزبه إلى التسليم بهذه الحقيقة ومحاولة استغلال مشاعر المسلمين.
ولأنّ في التعليقات برز التوجه نحو المُخَلِصْ بغض النظر عن وطنه أو قومه، وهذا ما من شأنه أن يزعج الغرب الذي حرص كل الحرص على تفتيت الأمة وتقسيمها إلى دويلات وقوميات ووطنيات ما أنزل الله بها من سلطان.
والأجمل من ذلك تصور أي قوة تلك التي سيحظى بها خليفة المسلمين عندما يرى المسلمون إخلاصه لأمته في أعماله قبل أقواله، وصدقه في مواقفه قبل تصريحاته!، لا شك أنّ الأمة ستلتف حينها حول الخليفة كما النحل، بل كالبنيان المرصوص. وحينها سيرى العالم أي أمة سيواجه.
4/10/2009