تعليق صحفي

السلطة تحاول تهدئة الرأي العام باعتذار أفرغه من جوهره وقاحتها وعنجهيتها!

  اعتذر وزير الشؤون المدنية لدى السلطة الفلسطينية، حسين الشيخ، عن قتل الناشط نزار بنات، وقال الشيخ: "باسم الرئيس الفلسطيني أبو مازن (محمود عباس) وباسم السلطة الفلسطينية أقدم اعتذارنا عما حدث، ونعتبره مأساة"، وأضاف "لكن هذا قد يحدث في أي بلد في العالم، يمكن لخطأ كهذا أن يحدث في أمريكا وفرنسا وأي بلد آخر في العالم".ورأى أنه "لا توجد طريقة أخرى للتعامل مع ما حصل ومحاولة تصحيح هذا الخطأ، يمكن فقط أن نتعلم مما حدث وأن نتبع الإجراءات القانونية الصحيحة"، مضيفاً: "أكرر مرة أخرى، للأسف مثل هذا الشيء قد يحدث في أي بلد، في معظم البلدان الديمقراطية في العالم... لكن بالتأكيد إنه حادث مأساوي ومؤسف نعتذر عما حدث ونتمنى تعلم الدروس منه".

يأتي هذا الاعتذار المتعالي والمتأخر بعد مرور قرابة شهر على ارتكاب السلطة جريمتها البشعة، وبصيغة يظهر للمدقق فيها أن السلطة أرادت التأكيد أكثر من مرة على أن ما حصل يمكن أن يحصل في أي مكان في العالم في تقليل متعمد لحجم الجريمة ووحشية مُرتكبيها، وإظهار أن الأمر حادث عفوي حاله كحال حادث سير أو خطأ بشري غير مقصود!

إن هذا الاعتذار الفارغ من جوهره ينسجم مع سياسة السلطة المتعجرفة في التعامل مع أهل فلسطين الذين لا يوافقون السلطة على جرائمها وخياناتها وفسادها وكل موبقاتها، فالسلطة نفذت الجريمة لإرهاب أهل فلسطين ومنعهم من معارضتها، ومن ثم وتحت ضغط الرأي العام الغاضب من جريمتها البشعة والمدرك لأهدافها الخبيثة، وجدت نفسها مجبرة على محاولة تهدئة الناس وإرضائهم، فقدمت هذا الاعتذار أملاً في ذلك، ولكن مجيء هذا الاعتذار على لسان أحد المتهمين الرئيسيين في جريمة القتل وجريمة اللقاحات، وتضمينه عبارات "أن ما حدث قد يحدث في أي بلد" و"يمكن لخطأ كهذا أن يحدث في أمريكا وفرنسا وأي بلد آخر في العالم"، قد جعل هذا الاعتذار بلا قيمة وأفرغه من مضمونه وعنوانه.

إن هذه التصرفات الهوجاء من قبل السلطة والقائمين عليها وطريقة تعاطيها مع غضب الناس وضغط الرأي العام ومحاولة استخفافها بعقول الناس بهذا الاعتذار المتعجرف ومحاولة إظهاره على أنه شيء كثير، كل ذلك يجب أن يدفع الناس لمزيد من المحاسبة ورفع الصوت كي لا تظن السلطة أنها قادرة على معالجة جرائمها البشعة والمتكررة باعتذارات لا تقل سوءا عن تلك الجرائم!.

ويجب أن تعزز الأحداث القناعة لدى أهل فلسطين بأنّهم هم بيضة القبان وهم أصحاب التأثير الحقيقي، وأنّ السلطة ومن خلفها الاستعمار والاحتلال لا يستطيعون تجاوز أهل فلسطين وتطلعاتهم إذا ما حزموا أمرهم، فالسلطة أوهن من بيت العنكبوت.

24-7-2021