التاريخ الهجري 22من رمــضان 1435
التاريخ الميلادي 2014/07/20م
رقم الإصدار: 07/1435
بيان صحفي
نصيحة إلى مسلمي هولندا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية
منذ أن بدأ الهجوم الوحشي لكيان يهود على غزة، أصبحت القضية الفلسطينية مدار حديث الكثير من الدول والجماعات والأفراد، والكل يتحدث عنها من وجهة نظره الخاصة به، فرئيس وزراء هولندا مارك روتي، على سبيل المثال، أبدى تأييده لما يسمى بـ(إسرائيل) في حربها على غزة، وأن لها الحق في الدفاع عن نفسها وحماية مواطنيها، بينما رئيس وزراء هولندا السابق دريس فان أخت، فقد أيد القضية الفلسطينية ولكن لدوافع إنسانية بحتة. أما غيرهم من السياسيين وصناع الرأي العام فقد أدلوا برأيهم حول الصراع في فلسطين عبر وسائل الإعلام المختلفة والبيانات. وكان ملاحظا أن البعض يناصر (إسرائيل) والبعض الآخر يناصر القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، فقد قام الكثير من غير المسلمين باتخاذ موقف من الأحداث في غزة، وقاموا بأعمال تندد بما يقوم به كيان يهود ضد العزل من أهل غزة، وعلى هذا الأساس فقد أحس المسلمون أن بعضا من غير المسلمين يدعمون القضية الفلسطينية، وبالتالي فلا مانع من التعاون معهم في عقد مؤتمرات ومظاهرات طالما أن هناك أمراً مشتركاً بينهما.
ليس خطأً إيجادُ رأي عام بين غير المسلمين حول وحشية (إسرائيل) وإيجاد تعاطف مع معاناة الشعب الفلسطيني، ولكن هناك فرقاً كبيراً بين إيجاد رأي عام و بين الاعتماد على منابر غير المسلمين لإيجاد هذا الرأي العام، ففي الحالة الأولى نعمل نحن على التأثير على الآخرين بما نحمل من أفكار، وأما في الحالة الثانية فنحن من سيتأثر بأفكار الآخرين. لذلك يتوجب علينا أن نكون حذرين وواعين على مسألتين في غاية الأهمية: الأولى ما هي الأفكار التي تأخذ والأفكار التي لا تأخذ فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والثانية ما هو الحل الصحيح لهذه القضية وأين يوجد مثل هذا الحل؟ والمشاهد المحسوس أن هناك إجماعا بين غير المسلمين الداعمين والمؤيدين للقضية الفلسطينية على بعض الأفكار الخاطئة والمضللة المتعلقة بهذه القضية مثل:
تسمية الصراع في فلسطين على أنه صراع (إسرائيلي) - فلسطيني.
إن الصراع في فلسطين تم اختصاره على أساس وطني ليكون في المحصلة صراعا بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) فقط، مع أن القضية الفلسطينية هي قضية إسلامية خالصة، ولفلسطين مكانة خاصة عزيزة على قلب الأمة الإسلامية لأسباب كثيرة، منها: أنها أرض إسلامية مباركة تضم أولى القبلتين وثالث الحرمين تقع تحت احتلال عسكري، وبسبب هذا الاحتلال فقد عانى المسلمون هناك لأكثر من ستين سنة من ظلم شديد، والله عز وجل يقول: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ [النساء: 75]
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه» رواه مسلم.
فكل ما ذكر أعلاه من أسباب هي أسباب شرعية لاعتبار الصراع في فلسطين ليس صراعا فلسطينيا -(إسرائيليا)، بل صراع عقدي بين يهود وأمة الاسلام، ولذلك فإن القضية الفلسطينية هي قضية إسلامية بامتياز.
الاعتراف بـ(إسرائيل)
الاعتراف بدولة (إسرائيل) يعتبر بالنسبة لغير المسلمين المؤيدين للقضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من الحل، وفي الحقيقة فإن البعض منهم يقول إن المحتل يملك السيادة على تلك الأرض، وبالتالي فإنه يجب أن يعترف به كمالك لأرض 1967، في حين أن الذين يقعون تحت الاحتلال يؤمنون أن لهم الحق في مقاومة المحتل بكل الوسائل المتاحة ودحره.
حل الدولتين
إن ما يسمى بحل الدولتين ليس سوى حلٍّ خاطئ يقتضي إعطاء قسم كبير من فلسطين - التي هي ملك للأمة الإسلامية - للمحتل وبالتالي اعترافاً بهذا المحتل على أنه كيان شرعي، وهذا الاعتراف من وجهة نظر الإسلام هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.
البحث عن حلول عند الغرب أو الأمم المتحدة
إن البحث عن حلول للقضية الفلسطينية عند الغرب أو من خلال طرق باب الأمم المتحدة هو أمر مستحيل، ذلك لأن الغرب هو سبب ضياع فلسطين وهو الذي أعطى يهود حق إقامة كيان لهم في فلسطين من خلال وعد بلفور، وكم من مرة توجه السياسيون إلى الأمم المتحدة يتوسلون حلولا، فماذا كانت النتيجة؟ ثم ألا يرى من يتوقعون الحلول من الأمم المتحدة أن قرارات الأمم المتحدة دائما وأبدا تحمي كيان يهود وتركزه أكثر فأكثر وإن كانت تتظاهر أنها متعاطفة مع القضية الفلسطينية؟!
لقد عمل الغرب على مدار سنين طويلة لتحقيق كل ما ذكرناه أعلاه وجعلها مقبولة فلسطينيا وعربيا مع أنها تتناقض مع الإسلام وضد مصالح المسلمين.
إن الحل الحقيقي والعملي لقضية فلسطين لا يمكن أن يكون من الغرب، أو من خلال الأفكار الغربية، ولا بالتلويح بما يسمى علم فلسطين، أو تلوين الوجوه بألوان ما يسمى علم فلسطين، فهذا العلم أصلا هو رمز للكافر المستعمر الذي قضى على وحدة المسلمين السياسية، وقسّم بلاد المسلمين إلى كيانات هزيلة لا تقوى حتى على دحر عدو محتل كيهود!
إن الحل للقضية الفلسطينية لا يكون إلا من خلال ما قرره الإسلام، وهو أن فلسطين وأهل فلسطين ومقدساتها يجب أن تحرر من المحتلين من خلال جيوش المسلمين، ومن ثم إعادة فلسطين إلى حظيرة الإسلام والمسلمين حيث يعيش فيها المسلمون وغير المسلمين بأمن واطمئنان.
وأخيرا فإن الجالية المسلمة في هولندا قد أثبتت أنها لن تسكت على الظلم وأنها ستقف مع إخوانها وأخواتها في فلسطين في كل وقت، والله نسأل أن يجزيكم عن المسلمين خير الجزاء، وأن يقويكم لتستمروا في دعم إخوانكم. مع التذكير أن كل حركة نتحركها من خلال توجيهات الإسلام وأهدافه دون التأثر بالأفكار والأطروحات الغربية المنحرفة، فإن كل جهد وكل عمل سيساهم في إيجاد الحل الحقيقي لقضية فلسطين.
أوكاي بالا
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في هولندا