إن فضل رمضان وفضل الصيام عامة باب واسع من الخيرات والمسلمون بفضل الله سبحانه يتسابقون فيها، والكل يأخذ حظه من الصيام والصلاة والقيام وقراءة القرآن والدعاء والذكر والصدقة وصلة الأرحام، والحث على العلم ودروسه.
رمضان شهر القرآن ونحن نذكر بعض المعاني الخاصة بكتاب الله لما فيها من الحكم والعبر:.
أولا : قال الله تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) " الحجر
فالقرآن محفوظ بأمر الله سبحانه من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان وهو بهذا الضمانة لحفظ دين الإسلام من أن يحل ما حل بالرسالات السماوية السابقة .
لقد بينت الآيات عظم جريمة من يكتم كلام الله ويحرف دينه، قال الله تعالى : "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" 159،160 البقرة .
وهذا هو عين ما فعله علماء أهل الكتاب من الأحبار والرهبان حيث كانوا يحرفون كلام الله إرضاء للناس مقابل دنيا يصيبونها، فلعنهم الله وتوعدهم جهنم .
وحتى لا يتكرر هذا الأمر مع الإسلام ورسالته، جاء الأمر من الله سبحانه بحفظ كتابه حتى تبقى حجة الله محفوظة ظاهرة، فلا يستطيع إنسان مهما بلغ أن يحرف دين الإسلام ولو كان الأمر حينا من الزمن كما يفعل علماء السلاطين وحكام الكفر والكفار في حربهم على الإسلام ومحاولتهم نشر وترويج مفهوم منحرف عن الإسلام يعيش فيه في ظل حراب الكفر والكفار يرضى بالدنية والذلة على فضلات الكفار والمستعمرين والظالمين.
وهذا كتاب الله سبحانه يفضح الكذابين ليسطع نور الحق والحقيقة والإسلام من جديد حتى يبقى دين الإسلام هو الدين الخاتم حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ثانيا : قال الله تعالى : " قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) " الإسراء
إن إعجاز القرآن للبشر دليل قاطع وبرهان ساطع على هذا الكتاب الكريم وأنه كلام رب العالمين، فهو وحي السماء إلى الأرض، الخالد الذي لا يبلى ولا يتقادم بل هو غض طري يتلى ويتم تدبر أحكامه كأنه نزل لساعته.
لقد كانت قضية إعجاز القرآن الكريم من مبادئ هذا الدين وهذه الرسالة العظيمة التي تستوجب من المسلمين الوقوف عندها وزيادة ثقتهم بدينهم وطرحه للعالم رسالة ربانية بالحجة والبرهان وهذه ولا شك من خصائص الإسلام الفريدة التي تدعوا الناس جميعا للإيمان بالإسلام هي هي لم تتغير القرآن الكريم ومعجزته والتي كلما مر عهد جديد عليها زادها رسوخا وثباتا وظهورا .
إننا ونحن ننظر في معجزة القرآن نرى أن هذه المعجزة قد ثبتت من أول يوم نزل فيه القرآن فقد ثبت بالحس عجز العرب أهل اللغة فسوف يكون كل من يأتي بعدهم أعجز لذلك نقرأ قول الحق سبحانه : " وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ " 23 ، 24 البقرة
إن معجزة القرآن هي معجزة الإسلام في عقيدته وفي نظامه وشريعته وهي كذلك بينت أهمية اللغة العربية وعلو شأنها وعظم قدرها ورسوخ قدمها ما يجعلها اللغة الأولى في العالم وما يستوجب هذا من تقديرها والعناية بها وعدم الانشغال بلغات أعجمية هجينة لا تصل إلى ساق ولا قدم لغة القرآن .
فتحكيم القرآن والشريعة من أعظم مقاصد هذا الدين وهذه الرسالة، فالحكم بما أنزل الله واجب يحرم التقصير فيه فضلا عن النكول عنه والقبول بغيره من أنظمة وضعية، ديمقراطية رأسمالية وعلمانية .
وهذا الواجب مناط بعنق كل واحد منا مسلم ومسلمة على الدوام، في خاصة الأمور وعامتها، فتحكيم كتاب الله وشريعة الإسلام فرض عين على كل مسلم ومسلمة .
ويضاف إلى كل هذا ومنذ هدم الخلافة العثمانية وإزالة حكم الله من الأرض صار العمل لإعادة الحكم بما أنزل الله من أعظم الواجبات، ونحن نذكر المسلمين في شهر رمضان المبارك بأنه شهر الدعوة الإسلامية الأولى وصاحبها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الذين رسموا لنا طريق الدعوة والإسلام حتى نجدّ ونجتهد في العمل لإعادة الخلافة من جديد. علّ الله يكتبنا في زمرة أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولبيان الآثار العظيمة للحكم بالإسلام فإننا نضرب مثلين:
وما نشأ عن الحكم بغير ما أنزل الله من فقر وتضييع لثروات البلاد بإعطائها امتيازات للكفار المستعمرين من النفط والمعادن وتبديد الأموال في أرصدة وحسابات في بنوك الغرب تخسر بعضها في اضطرابات أسواق المال وتأخذ أمريكا وبريطانيا وفرنسا بعضها الآخر عنوة بحجة المساعدة في دعم الاقتصاد العالمي والمساهمة في استقرار الأسواق وتبديد الباقي على صفقات سلاح لا يحمي بلد ولا يرد عدو.
إن حال المسلمين في فقرهم بالرغم من غناهم وغنى بلادهم قد فاق الوصف فسواء البلاد الغنية بالنفط أو الغنية بالأراضي الخصبة كلها فقيرة حتى الجوع والعطش سواء في الحجاز أو السودان وسواء الجزائر أو باكستان.
قبل ألف وأربعمائة عام كان المسلمون في دولة الخلافة لا يوجد بينهم فقير في العراق والشام ومصر واليمن واليوم وبعد أن تضاعفت الثروات في البلاد بفضل العلم والصناعة إلى مئات المرات ترى الناس بالفقر والجوع والمرض حتى الموت، كل ذلك بسبب غياب حكم الإسلام وتطبيق حكم الكفر.
المثال الثاني : باكستان – إن المصائب التي تتوالى على باكستان وتعصف بها وآخرها فيضانات الأمطار الغزيرة لا بد لها من مخرج ولا بد لها من حل.
فباكستان منذ أن ربطها حكامها أذناب الكفار بأمريكا وبريطانيا وهي تدفع ثمنا باهظا لهذه التبعية سواء بالتنازل عن كشمير وإعطاء الدنية للهندوس، أو بالحروب الداخلية التي شنها الجيش الباكستاني على شعبه في وادي سوات ومنطقة القبائل أو بالفتن والتفجيرات في المدن في المساجد والأسواق والجامعات ومقرات الجيش، أو بالقتل اليومي للناس في بيوتهم بواسطة الطائرات الأمريكية بدون طيار.
إن الأوضاع المأساوية التي أحدثتها الفيضانات والتي يمكن أن تتوالى قد كشفت هشاشة نظام الحكم في باكستان وكم هو غارق في الفساد وفي خدمة أسياده الكفار فبينما كان الشعب الباكستاني يغرق كان الرئيس الباكستاني عاصف علي زرداري يوقع مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اتفاقيات على محاربة الإسلام (الإرهاب).
إن الوضع المأساوي في باكستان، لن تنقذه أمريكا التي تترنح وهي تسعى لإنقاذ نفسها في العراق وأفغانستان.
وما يقال عن بضعة ملايين من الدولارات مساعدات ما هي إلا لذر الرماد في العيون لو وصلت، فضلا عن أهدافها الخبيثة في إرسالها جيشها ليعيث في الأرض الفساد فوق فساده منذ عشر سنوات بحجة الإغاثة وقصص زلزال هاييتي والمتاجرة بالأطفال وأعضاء البشر لما تنشر بعد.
وأما أوروبا فهي أعجز من أن تفعل أي شيء لإغاثة باكستان ودولها تتصارع خشية الإفلاس من بريطانيا حتى اليونان ومن إسبانيا حتى البرتغال.
وبعد أن ظهرت كل هذه الحقائق برزت المؤامرة الصليبية من جديد فأخذوا يقللون من آثار الفيضانات ومن عدد المنكوبين إلى العُشر فبعد أن كان يجري الحديث عن عشرين مليون أصابتهم السيول قلّ العدد إلى 2 مليون فقط كل ذلك للتغطية على فشل بل خيانة حكام باكستان وأنهم فقط يسهرون على مصالح الغرب الكافر في بلادنا ولا علاقة لهم بالمسلمين ومصالحهم ورعاية شؤونهم.
إن باكستان اليوم لها طريق واحد للخروج من المستنقع والأزمة وهو الحكم بالإسلام في دولة الخلافة هذا هو الحل لمشكلة باكستان ولا تملك أية قوة في الأرض حلا لباكستان غير هذا.