تعليق صحفي

تقرير "بالمر" يؤكد حقيقة الأمم المتحدة التي تتطلع إليها السلطة

فهل يستجار من الرمضاء بالنار؟!

اعتبر تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في أحداث سفينة مرمرة والمعروفة بلجنة بالمر التابعة للأمم المتحدة –والذي نشر على صحيفة نيويورك تايمز- أن الحصار المفروض على قطاع غزة شرعي وقانوني، وأن اعتراض كيان يهود لسفينة مرمرة مبرر غير أنه بالغ في استخدام القوة!!.

يأتي هذا التقرير في زخم الحملة التي تقودها السلطة للذهاب إلى الأمم المتحدة في إطار ما بات يعرف باستحقاق أيلول، ليؤكد للمرة الثانية بعد الألف حقيقة الأمم المتحدة، حتى لمن لا يعقلون، من أنها منظمة استعمارية، وأداة بيد القوى الكبرى الاستعمارية تسخرها لخدمة مآربها وتوجهاتها السياسية، وأنها لا تقيم وزناً لعدل ولا لحق، بل هي في جانب الظالم والمعتدي والمستعمر دوماً على خلاف ما تدّعي وتزعم من مناصرة المستضعفين، علاوة على كونها طاغوتاً تشرّع للبشر من دون الله.

فالأمم المتحدة بدل أن تنصف أهل غزة المنكوبين والمعتدى عليهم والذين يعانون ويلات العدوان اليهودي كمن يعاني من زلزال أو فيضان بل أشد، وبدل أن تطالب برفع الحصار الجائر عنهم، وبدل أن تستنكر على أقل تقدير فعل يهود المستقبح وعدوانهم الوحشي على العزل في سفينة مرمرة والذي شاهده العالم عبر الفضائيات في بث مباشر لا يخفى على إنسان، اعتبرت حصار غزة حصاراً قانونياً واعتبرت الاعتداء على السفينة مشروعاً ولكن كان رداً مبالغاً فيه بعض الشيء!!! فأي منظمة دولية هذه وأية حقوق ينشدها منها المخدوعون بها؟!!.

هذه هي حقيقة الأمم المتحدة التي ترنو إليها أبصار وأفئدة السلطة طالبة منها الاعتراف بدولة هزيلة على الورق، فهي من شرّعت وجود كيان يهود على أرض فلسطين المغتصبة عبر قرارات دولية باطلة، وهي التي لا ترى بأساً في عدوانه وجرائمه بحق البشر والحجر والشجر والمقدسات في فلسطين صباح مساء، وهي من شرّعت احتلال أفغانستان وأقرّت وتابعت أمريكا وحلفها في احتلال العراق تحت حجج واهية، وهي التي توفر الغطاء للاستعمار في كافة أرجاء العالم. فهل بعد ذلك يتطلع إليها عاقل أو مخلص؟!

إن سعي السلطة للحصول على اعتراف من الأمم المتحدة، من مجلس أمنها أو من جمعيتها العمومية، محكوم عليه بالفشل بل بالانتحار السياسي، علاوة على أنه سخف سياسي، فكيف تحكّم الأمم المتحدة وهذا شأنها في قضية فلسطين؟! أو كيف تُجعل الوجهة "الصحيحة" أو "الملاذ" الأخير؟! فهل يستجار من الرمضاء بالنار؟!!

إن عمل المؤسسات الدولية جميعها لا يخرج عن أجندات الدول الاستعمارية الكبرى، فهي إن رأت الاعتراف بهذه الدولة الورقية كان ذلك بقرارات مؤسساتها الدولية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وإن رأت خلاف ذلك –كما هو ظاهر الآن- لم يكن لسعي السلطة للاعتراف بدولتها الورقية شأن يذكر، ولربما أوجدت السلطة لنفسها المعاذير للتراجع عن هذا المسعى تحت غطاء المبررات القانونية، أو بلا مبررات بأن تترك الإدارة الامريكية محمود عباس –كما في كل مرة- معلقاً على الشجرة بلا سلم للنزول.

فهل يتعظ اللاهثون خلف الأمم المتحدة من التجارب المريرة ويردون قضية فلسطين التي اختطفوها لمسارها الصحيح؛ بأن تعود قضية للمسلمين جميعاً، أم يبقون سادرين في غيهم فيبوؤوا بالخسران في الدنيا والآخرة وتعصف بهم الأمة برياح ثورتها؟

4-9-2011م