تعليق صحفي
المقاومة اللبنانية عندما تحمي الديكتاتورية وتروج للمستبدّين !
في موقف فاضح يناقض عنفوان المقاومة، وينطلق من عقلية سايكس بيكو، دافع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله بشدة عن النظام السوري الذي اعتبره "المقاوم والممانع"، ودعا "السوريين" إلى الحفاظ عليه، فيما دعا "اللبنانيين" إلى عدم الطعن في خاصرته، كما جاء خطابه بمناسبة مرور أحد عشر عاما على انسحاب "إسرائيل" من جنوب لبنان، أو ما يعرف بـ"عيد المقاومة والتحرير".
إن المسلم الواعي يدرك أن المكان المناسب لأركان النظام السوري هي أقفاص المحاكم في دولة الخلافة، لا على عرش الطاغوت والتجبر، وإن الأولى بمن يرفعون شعارات المقاومة أن تتطابق مواقفهم مع شعاراتهم، لا أن تتقيد بمنطق المصالح.
وفيما يبدو سيرا على نهج التعامي عن الحق، وتزيين باطل المجرمين في النظام السوري، امتدح السيد نصر الله الرئيس السوري بشار الأسد، قائلا إن أغلبية الشعب السوري ما زالت تؤيده وإنه مؤمن بالإصلاح وجاد ومصمم، بل وقدم السيد نصر الله شهادة حسن سلوك للنظام عندما قال "بل أنا أعرف أكثر من ذلك أنه مستعد للذهاب إلى خطوات إصلاحية كبيرة جدا ولكن بالهدوء والتأني وبالمسؤولية"، وهي شهادة، لولا صدورها عن قائد منظمة إسلامية نراعي فيها الأخوة ونكبر منطلق الإسلام في جهادها، لقلنا بالخط العريض، هي شهادة زور.
ومع ذلك يبقى السؤال قائما حول دوافع هذه الشهادة، وحول مبرر تغطية الحقائق بمنخل مهترئ، وخصوصا عندما اعتبر السيد نصر الله أن إسقاط النظام في سوريا مصلحة أميركية "وإسرائيلية" ليُستبدل به نظام على شاكلة ما سماه الأنظمة العربية المعتدلة الحاضرة لتوقيع أي سلام "يعني أي استسلام مع إسرائيل".
لا شك أن هذا المنطق متاهفت أمام تصريحات رسمية من أقطاب النظام السوري: بأن نظامهم مصلحة لكيان يهود، وهو يتناقض مع سعي النظام السوري للسلام مع كيان يهود، وقد شهدت على ذلك تحركات العرّاب التركي، فأين كان السيد نصر الله عندما كان العرّاب التركي يسعى؟
ثم إن السيد نصر الله يحسم أن البديل عن نظام بشار هو نظام معتدل أو مهترئ، وكأنه يسقط من حساباته دولة الإسلام التي توحد الأمة وتزيل إفرازات سايكس بيكو، وكأن نصر الله لم يسمع هتاف المخلصين في سوريا: "على الجنة رايحين شهداء بالملايين"، وكأن نصر الله قد نسي مفهوم الحديث الشريف، أن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر!
إن هذه الثورة الكاشفة التي تجتاح الأمة، قد تتابعت وهي تضع الجميع على المحك، من أسلف منهم خيرا، ومن أسلف شرا، ولا بد لكل مخلص اليوم من صناعة حاضر خير –بغض النظر عن ماضيه- قبل أن تتجاوزه الثورة وتلقي به خلفها، عندما تخلع تلك الأنظمة المستبدة وتلقي بها في مزابل التاريخ.
وإن المسلم ليتألم وهو يسمع هذه التصريحات لأنها تصدر عمّن حمل السلاح ضد كيان يهود، مما يُحمّله مزيدا من المسؤولية للابتعاد عن التلوث والسقوط بأوحال الأنظمة، فهل من وقفة إخلاص قبل أن لات حين مندم ؟
26-5-2011