تعليق صحفي
المسايرة السياسية تجر إلى التنازلات والرضا بالأمر الواقع ومخالفة الإسلام
قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل "ننتظر أفعالا من الأوروبيين والأميركيين ليدعموا حقنا الطبيعي وموقفنا لا أن يتدخلوا فيه". وأكد مشعل في مقابلة مع وكالة رويترز أن قضية الاعتراف الفلسطيني "بإسرائيل" لا يمكن النظر فيها إلا بعد قيام دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحث مشعل المجتمع الدولي على الضغط على "إسرائيل" للاعتراف بالفلسطينيين وليس العكس، وقال "إسرائيل تحتاج إلى ضغط هذا عدو محتل لا يخرج بالإقناع ولا بالحوار هذا يخرج بأوراق الضغط" مضيفا أن مصر لم تتمكن من إجراء محادثات سلام مع "إسرائيل" إلا بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.
 
قد تبدو تصريحات مشعل فضفاضة للغاية تحمل وجوهاً عدة وقابلة للتفسيرات والتأويلات، لكن المؤكد فيها أن انخراط حماس في اللعبة السياسية جرّها ويجرّها إلى مسايرات سياسية ربما تعدها الحركة حنكة سياسية غير أنها تبقى في المحصلة تعامل ورضا بالأمر الواقع ومخالفات مبدئية للإسلام وتخلٍ عن أسس لا يصح التهاون بها.
 
فمجرد حديث مشعل عن تأجيل النظر بالاعتراف "بإسرائيل" إلى ما بعد قيام الدولة الفلسطينية هو مخالفة صريحة لأحكام الإسلام التي تصرح بأن مسرى النبي محمد هي أرض وقف للمسلمين جميعا ولا يصح التنازل عن شبر واحد منها لألد اعداء الأمة باتفاق أو بغير اتفاق، وهذه المراوغة، سواء أكانت نتيجتها الاعتراف أو عدمه، تتصادم مع وضوح الأحكام الشرعية التي يجب على المسلم أن يتقيد بها ولا يصرح بخلافها.
 
ومجرد تطلع مشعل للأوروبيين والأمريكان، أعداء الأمة الذين يستبيحون حماها ويسفكون دماء أبنائها ويحتلون أرضها في العراق وأفغانستان ويقتلون مجاهديها، (ننتظر أفعالا من الأوروبيين والأميركيين ليدعموا حقنا الطبيعي) فيه مخالفة صريحة لأسس الولاء والبراء في مبدأ الإسلام، وتطلع في غير محله.
 
كما أن حث مشعل المجتمع الدولي على الضغط على "اسرائيل" للاعتراف بالفلسطينيين طلب في غير محله وفي طياته ما فيه، فسواء اعترف الفلسطينيون "بإسرائيل" أو العكس "فإسرائيل" كيان قائم على أرض محتلة لا يصح عقد اتفاقيات معه أو مفاوضته، ونحن لا ننتظر منه أن يعترف بحقنا في جزء من فلسطين، بل يجب إزالته واستئصاله وتحرير الأرض المقدسة كاملة غير مجزئة، وعجز حركات التحرر في فلسطين عن ذلك لا يسوغ لها البحث عن بدائل مخالفة للإسلام بل عليها رد القضية للأمة الإسلامية صاحبة هذه القضية الأصيلة التي بدأت تتحلل من القيود التي كبلتها، وعليها مناشدة جيوش الأمة لتحرير فلسطين، والعمل مع المخلصين في الأمة لتحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن.
 
 كما أن تطلع السيد مشعل للمجتمع الدولي ليوفر ضغطاً يساهم في إنهاء احتلال يهود للأرض المباركة فيه سطحية سياسية أو تغاضي عن الواقع، فالمجتمع الدولي وعلى رأسه الأمريكان والاوروبيون هم جبهة واحدة مع الكيان اليهودي، فهم من أوجدوه ومدوه بالمال والسلاح والعتاد، فكيان يهود هو غرسهم الذي غرسوه في بلاد المسلمين ليكون يدهم التي يبطشون بها المسلمين وعينهم التي ترقبهم وخنجرهم المسموم الذي يحول دون وحدتهم، وكل تجاوز لهذه الحقيقة والتطلع لأمريكا أو أوروبا بغير هذا الاعتبار فيه سطحية سياسية أو تضليل أو مسايرة للأمر الواقع.
 
كما أن حديث مشعل عن مفاوضات مصر مع "اسرائيل" وتوقيعها اتفاقية كامب ديفيد وأوراق الضغط التي امتلكتها (حرب عام 1973م) ، يكشف عن نظرة السيد مشعل للمقاومة من أنها ورقة ضغط تستثمر للشأن السياسي والتفاوض مع الكيان اليهودي، فالتفاوض مع كيان يهود (القائم كلياً على تراب الأرض المباركة) فكرة غير مرفوضة لدى السيد مشعل كما صرح بذلك من قبل.
 
لقد وجه حزب التحرير في فلسطين نصيحة لحركة حماس حذرها من أن يكون اتفاق المصالحة غطاء لاتفاق سياسي تحيكه القوى الغربية عبر اتباعها في سلطة رام الله، وها هي التصريحات الصادرة عن طرفي المصالحة وقادة مصر تتحدث عن المسار السياسي وعملية السلام وتنسيق أشكال المقاومة وحبر التوقيع لم يجف بعد.
 
إن على حركة حماس، لو أرادت السلامة في دينها وحفظ قضية فلسطين، أن تتقيد بما تمليه عليها الأحكام الشرعية وأن تكف عن المسايرات السياسية التي لن تقود سوى للتنازلات والرضا بالأمر الواقع ومخالفة الإسلام، ففلسطين لن تحفظ ولن تحرر إلا بالإسلام وبدولته القائمة قريباً بإذن الله.
9-5-2011م