تعليق صحفي
أهل فلسطين يريدون تحرير كل فلسطين وليس فقط إنهاء الانقسام
خرجت في غزة والضفة الثلاثاء 15-3-2011م مسيرات تطالب بإنهاء "الانقسام" بين شطري السلطة الفلسطينية، وذلك لما جر هذا الانقسام السياسي على أهل فلسطين من سلبيات، ولا شك أن أي تحرك سياسي يعبر عن حالة الغضب والإحباط من الأوضاع السياسية ممدوح، ولكن كل حركة تهدف إلى تغيير لابد أن تكون حركة واعية حتى لا يتم سرقتها أو حرف وجهتها وإفراغ شحنتها.
إن الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة هي نتاج لأفعال السلطة وليس لمجرد الانقسام، هذه السلطة التي أنهكت الناس بالاعتقالات والملاحقات ومنع العمل المسلح ومنع العمل السياسي الإسلامي وأثقلت كاهلهم بأنواع الضرائب، وألغت من قاموسها تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وفتحت باب المساومات المباشرة وغير المباشرة على أرض الإسراء والمعراج، فصارت بذلك عبئا على فلسطين وأهل فلسطين.
وإن هذا "الانقسام" لم يبرز في قضية فلسطين إلا بعدما أدخلت القضية في متاهات المفاوضات وما تمخض عنها من سلطة تحت الاحتلال، ثم ما طرأ على الواقع من تحول التنافس الفصيلي من ميدان المقاومة إلى ميدان قيادة هذه السلطة الهزيلة، وهو محصور في إدارة هذه السلطة وفي خزانتها المالية وليس للناس علاقة به.
ثم إن المطلب الحقيقي للمسلمين هو تحرير فلسطين والبحث عن السبل الجادة لتحريرها وليس إنشاء سلطة تحت الاحتلال مهما كان شكلها.
في هذه المرحلة التاريخية الهامة يتوجب تجاوز القيود البالية على التفكير، فيتوجب تجاوز الوطنيات والقوميات والواقعيات المنتنة، والتعبير بقوة عن المطالب الحقيقة دون تحفظات، فنعلن للأمة الإسلامية الثائرة على الطواغيت استنصارنا لها لتستجمع أمرها وتعمل على قطع كل علاقة سياسية أو اقتصادية مع الاحتلال اليهودي، ثم الاجتماع على حربه حتى تحرير فلسطين نهائيًا من رجسه وشره، وهذا الاحتلال ليس قدرًا مقدورًا لا يمكن تجاوزه كما زرع الحكام العملاء في أذهان الكثيرين وإنما شوكة سيتم اقتلاعها بإذن الله كما تم اقتلاع التتار والصليبيين من قبل من أرض فلسطين.
إنكم وقد علمتم يقينًا بأن السلطة ليست مشروع تحرير، وبأن أهل فلسطين لا يستطيعون تحريرها، فلم يتبق لكم إلا الاستعانة بأمتكم وليس بأعدائكم من أميركا وأوروبا وأذنابهم من الحكام، فقد ولى زمن المستحيلات المزعومة وحان وقت التغيير الحقيقي.
وإنكم قد علمتم أن ميدان التنافس على سلطة خادمة للاحتلال ليس ميدانكم، فقد أحال هذا التنافس كل الشعارات والمبادئ الثورية والثوابت التي نادت بها الفصائل إلى التقاعد، وصار مركز تفكير الحركات هو الانتصار على بعضها وتحقيق المكاسب، حتى أنهم يعملون على توظيف هذه المسيرات ليحقق كل جناح من أجنحة السلطة مآربه ضد الآخر، حتى لو اضطر إلى ركوب الموجة، أو التصدي للمتظاهرين بالهراوات.
نقول ونكرر ولن نمل من التكرار أن فلسطين لن تتحرر إلا بالجهاد، والجهاد الذي من شأنه أن يدمر كيان يهود، وأن السير في مشروع السلطة كسلطة لن يجلب على أهل فلسطين وعلى قضية فلسطين إلا المزيد من التنازلات والواقع يشهد بذلك.
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
15-3-2011م