تعليق صحفي
السلطة تجتر الوهم وتعيش خارج التاريخ
والامة قاب قوسين أو أدنى من تحرير فلسطين
في سياق انسلاخ السلطة الفلسطينية ورجالها عن الأمة وعن واقع الانتفاضات المباركة التي تجتاح البلدان العربية، والتي باتت تجسد وحدة الأمة الإسلامية وتطلعها للتخلص من ربقة النفوذ الاستعماري وتطلعها لتحرير فلسطين واستعادة مكانتها بين الأمم، تعيش السلطة حبيسة واقع وهمي افترضته لنفسها بعد أن ارتضت أن تكون أداة طيعة بيد الغرب والكيان اليهودي، واقعٍ خيالي تفترض فيه السلطة ورجالها أن فلسطين ملك يمنيهم يتاجرون بها متى وكيف يشاءون، واقعٍ ضيق الأفق بضيق قمقم السلطة صلاحياتٍ ونفوذ، تسول لهم فيه أنفسهم بالتنازل عن الأرض المباركة والاعتراف بالكيان اليهودي على أرض فلسطين، فتصبح حدود الأرض المباركة حدود عام 1967م!!.
وتجتر السلطة مواقفها، التي تعبر عن ذلك الوهم الكبير الذي تعيشه، لتعتبر أن الحل يأتي عن طريق المفاوضات ،،، مفترضة مرة أخرى واقعاً لا وجود له إلا في أذهان المفاوضين، واقعاً وهمياً تقرر فيه السلطة أنها تتحدث باسم أصحاب الأرض، وتضع نفسها وصية على الأرض المباركة، وتهيم في الخيال لتعتبر أن مسرى الرسول لا بواكي له وأن الأمة الإسلامية قد نسيت سورة الإسراء، ونبذت القدس وراء ظهورها، لتضعها في أيدي السلطة وأزلامها،
فها هو صائب عريقات رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني –والذي قدم استقالته من دائرة شؤون المفاوضات بعد أن فضح أمره وأمر سلطته ورغم ذلك بقي رئيساً لطاقم المفاوضات لا دائرتها!!-يصرح بالقول: "إن المباحثات مع ممثلي اللجنة الرباعية والتي جرت في القدس الشرقية تركزت حول مرجعيات التفاوض على أساس حدود 1967م ووقف الاستيطان'، مضيفاً: 'أبلغتنا الرباعية بشكل رسمي أنها ستواصل جهودها ويتم تأجيل اجتماعها المقرر في آذار الجاري إلى 15 نيسان (ابريل) القادم لمواصلة الجهود لصياغة بيان'.
إلا أن هذا الوهم يبقى حكرا على السلطة الفلسطينية التي تغرس رأسها في أوحال التبعية والذل للإدارة الأمريكية والكيان اليهودي، الذي يدرك واقع الصراع ويقدر المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية، فلا يعيش وهما ولا يقيم للسلطة وزنا،، لأنه يدرك جذور المشكلة ويعلم إبعادها، فقد أكد رئيس الوزراء اليهودي "بنيامين نتنياهو" على وجوب بقاء الجيش اليهودي منتشرا على امتداد نهر الأردن، في أي أوضاع وأي تسوية مستقبلا، ما سيضمن أن تعيش" إسرائيل" في مأمن على حد ظنه.
وقال نتنياهو: "إننا نعيش الآن في عالم يمر بخضّة كبيرة جدا، والمنطقة حولنا برمتها تواجه في واقع الأمر حالة من عدم الاستقرار وزلزالا سياسيا وأمنيا لا نرى نهاية له حتى الآن، وفي هذه الحالة يتوجب علينا أكثر من أي وقت مضى توفير أسس متينة للأمن، للذود عن حياض الوطن".
إن الحديث عن السلطة يأتي دائما في اطار الوصف الوظيفي لها كأداة أمنية بيد الكيان اليهودي وبلدية تخفف الأعباء الإدارية عن هذا الكيان، وتسعى لتحسين صورته عالميا لتزيل الحرج الأخلاقي عن هذا الكيان المسخ، وتأتي المفاوضات في هذا السياق أيضا، فمن المتوقع أن يطرح "نتنياهو" خطة سياسية جديدة، لكسر الجمود الحاصل في "العملية السياسية"، ولكي ينقذ نفسه من العزلة الدولية الشديدة التي تعيشها "إسرائيل".وقد ذكرت صحيفة معاريف أن موفاز شدد على ضرورة استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين قبل فوات الأوان، مبرراً ذلك بان المنطقة تتجه نحو مواجهة، وأن "إسرائيل" لن تستطيع أن تقف عاجزة ومكتوفة الأيدي وإلا ستجد نفسها أمام بدائل تشكل خطراً على وجودها.
فلا قيمة لمشروع السلطة إلا ضمن الخدمات الأمنية والإدارية التي تقدمها للكيان اليهودي وكدرع امام الأخطار الاقليمية المحدقة بالكيان اليهودي.
لقد آن للسلطة الفلسطينية ان تستفيق من وهمها، وأن تكف عن العبث بقضية الأرض المباركة والسير في المخططات الاستعمارية، فأرض فلسطين ملك للأمة الإسلامية، ولن يصبر رجال الأمة طويلاً بعد أن يقيموا دولة الخلافة الراشدة حتى تتجه جحافلهم نحو بيت المقدس ليقتلعوا هذا الكيان الهش ويرفعوا راية العقاب على ربوع الأرض المباركة من جديد.
12-03-2011