قدّم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات استقالته من دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية، عقب أزمة "كشف المستور" التي فجرتها قناة الجزيرة الفضائية، والتي أكدّت المؤكد من تفريط المنظمة والسلطة -لا عريقات وحده- بفلسطين؛ أرضها ومقدساتها وأهلها.
 
ومن جهة أخرى أعلن ياسر عبد ربه أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تجهز لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال الفترة القادمة تحقيقاً لإرادة الشعب الفلسطيني. بحسب تعبيره.
 
 والسؤال الذي يتبادر للأذهان فور سماع هذه الأنباء، في ظل المتغيرات التي تطغى على المنطقة، وفي ظل هبوب رياح التغيير على البلدان العربية، وسقوط "مبارك" وسليمان رعاة مسيرة السلطة بالوكالة عن أمريكا، هل كانت هذه القرارات نتيجة مباشرة لأحداث تونس ومصر؟ وهل وعت السلطة الدروس والعبر من هاتين الثورتين؟
 
إن مما لا شك فيه، أن حالة الفرح العارمة التي غمرت المسلمين في شتى أقطار المعمورة عقب سقوط "مبارك"، تدل على الفجوة الهائلة التي تكتنف علاقة الأمة بالحكام المتسلطين، ولا شك أنها تؤكد أن الحكام لا يمثلون الأمة ولا تطلعاتها، وأنهم قد اغتصبوا هذا الدور بمدد من القوى الغربية الاستعمارية، وأن الأمة تلعن هؤلاء الحكام صباح مساء والذين لم ينفكوا بدورهم عن التآمر على المسلمين يوما.
 
إن السلطة ومنظمة التحرير التي زعمت التمثيل الحصري لأهل فلسطين بقرارات من هؤلاء الحكام الفاقدين للشرعية والمغتصبين للحكم والسلطان، والذين لا يمثلون المسلمين ولا أهل بلدانهم، هي منظمة قد اغتصبت هذا التمثيل مثلها مثل الحكام الذين ألبسوها هذا اللبوس، ولا شك أنها غير مؤهلة للتصرف بنقير من هذه الأرض المباركة، علاوة على ما ثبت من خيانتها وتفريطها بالأرض المباركة والتي باتت أشد وضوحاً من الشمس في رابعة النهار، وعلاوة على أن أرض فلسطين هي وقف لجميع المسلمين في العالم منذ بعثته عليه السلام وإلى يوم القيامة، ولا يملك أي إنسان التنازل عن شبر منها.
 
إن استقالة فاسد هنا ومفرط هناك، وإجراء انتخابات رئاسية أو تشريعية تحت كنف الاحتلال، ما هي إلا عمليات تجميلية لوجه قبيح، ولن تفلح تلك الألاعيب والمخادعات من تغيير الصورة الحقيقية للسلطة ومنظمة التحرير، واللتان باتتا وكيلتين لتنفيذ الأجندات الغربية الاستعمارية في فلسطين، حيث غدت السلطة وكالة أمنية لحماية يهود، تبطش بأهل فلسطين وتلاحقهم في أرزاقهم وأقواتهم وحتى في آرائهم السياسية، فتعتقل وتلاحق وتفصل من الوظائف العمومية، وتفرض الأغلال المعيشية على الناس.
 
إن ما لا تدركه السلطة أو تتغافل عنه، هو أنها لا يمكن لها أن تحسن صورتها القبيحة بهذه الترقيعات أمام الناس، لا لشيء سوى لأن الناس اطلعوا على حقيقتها، ولأنها وجدت لتقوم بهذا الدور القبيح والمتسلط على أهل فلسطين ولتقوم بالتفريط بفلسطين وإضفاء الشرعية على كيان يهود.
 
إن على السلطة أن تدرك أن فلسطين لم تغب عن ذهن الأمة الاسلامية يوما، وأن اغتصابها لتمثيل أهل فلسطين لم يحل بين المسلمين وتطلعهم لتحرير فلسطين كاملة والقضاء على كيان يهود، بل إن فلسطين كانت حاضرة في ثورتي تونس ومصر وها هي الشعارات غدت في كلا البلدين "الشعب يريد تحرير فلسطين".
 
 ألا فلتعلم السلطة أن زحف الأمة سرعان ما ينتقل عقب التخلص من طغمة الحكام وأوساطهم السياسية المرتبطة بالغرب نحو إقامة الخلافة وتحرير فلسطين، فليرعووا وليقدموا استقالاتهم الجماعية وليرفعوا أيديهم عن فلسطين وليتركوها للأمة الإسلامية باختيارهم، قبل أن تنتزعها الأمة منهم انتزاعاً فتنهي عبثهم وتقضي على المحتلين وتلقن كل من أساء لفلسطين وأهلها درساً ينسيه وساوس الشياطين.
 
ذاك درس من دروس تونس ومصر، فهل وعته السلطة أم أنها لا زالت من الغافلين؟!
 
(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا)
13-2-2011