نقلت صحيفة فلسطين المطبوعة العدد (1321) يوم الأربعاء 26-1-2011م على صفحتها الرابعة عن رئيس وزراء حكومة حماس اسماعيل هنية قوله: (ففلسطين للفلسطينيين كما الأردن للأردنيين) في سياق رفضه لمشروع ما يسمى بالوطن البديل، وذلك خلال مشاركته في حفل أقامه المستشفى العسكري الأردني في غزة بمناسبة الذكرى الثانية لإنشائه وذكرى مولد ملك الأردن عبد الله الثاني. مكررًا نفس عبارات عباس بتاريخ 4-7-2010م.
إن الحقيقة القرآنية تقرر أن فلسطين أرض خراجية وهي لعموم المسلمين إلى يوم القيامة، وأن أهل فلسطين إنما يمتلكون منفعة الأرض ولا يمتلكون رقبتها، وهم مستأمنون عليها ولا يحق لهم التصرف بشبر منها في مفاوضات أو غير ذلك.. والدليل على ذلك فقد قال الله تعالى فيها وفي أمثالها:
مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
  ثم أضاف إلى هؤلاء غيرهم فقال تعالى:
 وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
ثم أضاف غيرهم حتى شملت الآيات المسلمين جميعاً إلى يوم القيامة فقال سبحانه:
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
، وعليه فلا يجوز أن يكون التصرف فيها خاصاً بالفلسطينيين فقط حتى لو كان القرار موافقاً للحكم الشرعي، أو تكون حكرًا على الفلسطينيين فقط.
وما ينطبق على فلسطين ينطبق على منطقة الأردن التي هي جزء من بلاد الشام التي فُتحت بالجهاد، فليست الأردن للأردنيين وليست فلسطين للفلسطينيين، وما هذه التقسيمات إلا تقسيمات الاستعمار، وليست هذه الروابط الوطنية إلا روابط جاهلية، فلا يجوز أن نقر بها.
وإن رفض مشروع "الوطن البديل" ومحاولة التعبير عن هذا الرفض لا يبرر أن ننسى أو نتناسى أهم الحقائق الإسلامية المتعلقة بفلسطين كونها قضية عقدية إسلامية وليست قضية وطنية، والحقوق فيها حقوق إسلامية وليست حقوقًا وطنية، وواجب تحريرها يقع على جميع المسلمين بمن فيهم ملك الأردن الذي كانوا يحتفلون بمولده، وكذلك الجيش الأردني الذي استقبل هنية مدير عملياته الحربية وممثل رئيس هيئة أركان الجيش الأردني، (وعبر هنية عن شكره وتقديره العظيم لجلالة الملك عبد الله بن الحسين على جهوده لصالح القضية والشعب الفلسطيني(. بدل أن يحمله رسالة حق من أهل فلسطين تبين مدى تخاذل دولته وملكها مع من يذبحهم، وذلك من خلال الاعتراف والتطبيع والتنسيق الأمني والعسكري والاقتصادي بين الكيانين، فهناك مثلاً (1050) شركة "إسرائيلية" تصدر منتجاتها إلى الأردن وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن و"إسرائيل" (342) مليون دولار في 2008م حتى أن الأردن يعفي 2500 سلعة "إسرائيلية" من الرسوم والجمارك.
وأخيرًا فإن إنشاء مستشفى في غزة يجب ألا يكون "رشوة" لإسكات صوت حق أو التغاضي عن خيانة الحكام وتخاذلهم أو إعفائهم مما أفترضه الله عليهم من نصرة فلسطين وأهلها وتحرير مقدساتها، ففلسطين بحاجة إلى تدخل عسكري وليس إلى مستشفى عسكري.
26-1-2011م