في مقابلة مع صحيفة الأيام الفلسطينية قال الرئيس محمود عباس أنه لن يتنازل عن الثوابت الفلسطينية للتوصل لاتفاق سلام مع الجانب "الإسرائيلي" بعد أيام من استئناف المفاوضات المباشرة برعاية أمريكية.
وقال عباس في مقابلة مطولة مع صحيفة الأيام الفلسطينية في عددها الصادر يوم الاثنين "لن أسمح بتدمير البلد ولن أتنازل عن أي ثابت من الثوابت وإذا طلبوا تنازلات عن حق اللاجئين وعن حدود 1967 فإنني سأرحل ولن أقبل على نفسي أن أوقع تنازلا واحدا."
*****
من البداهة السياسية أن المفاوضات تعني المساومات والمساومات تعني التنازلات، وحتى يتأتى التوصل لأي اتفاق كان، من البداهة السياسية كذلك أن كلا الطرفين لا بد أن يقدم تنازلاً حتى يقبل الطرف الأخر، وهذا ما يلمح بل يصرح به المفاوضون في قضية فلسطين بأن كلا الطرفين لا بد أن يقدما تنازلات مؤلمة، وهو ما صرح به نتنياهو كذلك في اجتماع واشنطن.
 
وإذا كان الأمر كذلك فعن أي ثوابت يتحدث أبو مازن؟! وهل قبوله خوض المفاوضات المباشرة يعني من منظور أبي مازن هو أن يملي اشتراطاته على الطرف الآخر؟!! هل تفهم تصريحات أبي مازن على هذا النحو وهل السلطة مؤهلة لمثل هذا الموقف؟! أم أنها استهلاك محلي لحفظ بعض ماء الوجه للسلطة جراء اشتراكها في هذا الفصل التآمري من جولة المفاوضات المخزية هذه؟!!
 
إن تاريخ منظمة التحرير في المفاوضات كفيل بدحض هذه التصريحات وتفنيدها، كما أن هذه الجولة من المفاوضات هي إحدى الشواهد على ذلك؛
 
فتاريخ المنظمة حافل بتحول الثوابت إلى متغيرات، وتحول الخطوط الحمر إلى صفراء بل خضراء، فالمنظمة كانت تتحدث عن تحرير فلسطين كل فلسطين، لكنها اليوم تتحدث عن بعض البعض منها، وكانت ترى في العملية التفاوضية خيانة بينما ترى الآن غيرها خيانة وخروجاً على الصف الوطني، فما تلك الضمانة التي ستؤدي إلى تمسك المنظمة بما تسميه ثابتاً أو خطاً أحمراً؟!!
ثم إن هذه الجولة الجديدة من المفاوضات وتراجع المنظمة ووليدتها المسخ السلطة عن اشتراطاتها لقبول التفاوض هو إشارة بينة على ضآلة الثبات على المواقف التي تزعمها السلطة، ثم إن هذه الجولة كسابقاتها أبرزت كيف أن السلطة لا تملك من قرارها شيئاً وأنها رهن إشارة السيد الأمريكي، وهل التبعية لأمريكا تبقي لدى التابع ثابتاً سوى مصالحها وأمن ربيبتها؟!!
 
لم تعد التصريحات الرنانة الجوفاء تنطلي على أهل فلسطين الذين شاهدوا بكل حواسهم مدى تآمر السلطة عليهم وعلى مقدساتهم لصالح يهود، فهم يشاهدون تفاني تلك السلطة في حفظ أمن يهود ويشاهدون بطشها بهم وبكل من "تسول" له نفسهم بإيذائهم أو حتى التحريض عليهم، ومن كان هذا حاله فلكم أن تتصوروا جولات المفاوضات التي يخوضها ومدى حرصه على استمالة واسترضاء كيان يهود "العدو المفترض"!!
 
إن السلطة كانت وصمة عار في تاريخ قضية فلسطين، حري بأهل فلسطين أن يضعوا نهاية لسياساتها التفريطية ولتلاعبها بهذه القضية، وحري بأهل فلسطين أن يعيدوا القضية لعمقها الإسلامي حتى يخرج من بين ظهراني هذه الأمة من يقيم شرع الله ويسير بجند المسلمين وجيوشهم الجرارة نحو بيت المقدس فيطهرها من رجس يهود ومن تلاعب السلطة بها فتعود فلسطين كاملة غير منقوصة عزيزة لحياض الإسلام.
7-9-2010م