تحت عنوان "الإصلاحات المالية والإدارية تهدف لإنهاء الاعتماد على الخارج انتصارا لكرامتنا الوطنية" نقلت جريدة القدس مقتبسات من حديث سلام فياض الإذاعي الأسبوعي، حيث كان يتحدث عن الاعتماد على الذات في سياق الكلام عن خطة الحكومة في سحب المركبات الحكومية من موظفي الوزارات، وقد جاء في الحديث "أمام هذا الواقع، بات لزاماً علينا عدم الاكتفاء بالتركيز على وضع المانحين أمام مسؤولياتهم وحثهم على الوفاء بالالتزامات المطلوبة منهم. لا بل، ومن منطلق الحرص على الانتصار لكرامتنا الوطنية، والمكاشفة التامة في تحمل المسؤولية، والابتعاد عن تكرار المناشدات بما قد يلحق الأذى بعلاقاتنا مع المانحين، وخاصة مع أشقائنا العرب....."
****************
غريب ذلك الحديث عما أسماه فياض بالكرامة الوطنية، ومضحك هو ذلك السياق الذي يذكر فيه الكرامة، وهو سحب السيارات الحكومية من الموظفين، وذلك على الرغم من وجود عشرات بل قل مئات الأحداث والأحوال التي أزالت أي أثر لكرامة السلطة ورجالاتها، ولن يكون آخرها تلك الصورة التي ذهبت فيها السلطة إلى المفاوضات صاغرة ذليلة، بينما يرى فياض أنّها يمكن أن تتحقق بسحب سيارات الوزارات، فعن أي كرامة إذن يتحدث ؟؟
ثم إنّه غريب أن يتم الكلام عن الاعتماد على الذات بينما الأمريكان هم المتصرف الأول والمقرر الأخير في كافة شؤون تلك السلطة، وأيضا أن يتم الكلام عن الاعتماد على الذات وكأنها ليست الدول الغربية "المانحة" هي التي قررت تقليل الدفعات وربطها بالمفاوضات!!
ومن المثير أيضا أنّ الكلام عن "الاعتماد عن الذات" و"الكرامة الوطنية" يتم من قبل موظف وخريج البنك الدولي (سابقا) وهي المؤسسة الرائدة في إهدار "الكرامات الوطنية " لشعوب الأرض وفي ترسيخ التبعية.
وأخيرا لعل "الإصلاحات المالية والإدارية" التي تهدف إلى "الاعتماد على الذات" والانتصار " للكرامة الوطنية " قد تسرُّ واهم خدعته العناوين، غير أنّ سروره سرعان ما يزول عندما يدرك أنّ المقصود بخطط الإصلاح والاعتماد على الذات إنّما هو تحصيل المال من المظلومين بعد أن يكف عن دفعه الظالمون، حيث تعني الكفاءة المالية كفاءة التحصيل الضريبي، وبمعناها الحقيقي أكل أموال الناس بالباطل ومطاردتهم في أقواتهم من خلال الضرائب، تلك الضرائب التي يدفع منها أجور الآلاف من عناصر أجهزة أمنية لا تنكأ عدوا ولا تقتل صيدا، اللهم إلا أن تأتمر بأوامر الجنرال مولر "خليفة دايتون".
1-9-2010