لقد بات الخداع والتضليل نهجاً وطريقة متبعة لدى السلطة، ولقد مارست السلطة وأزلامها هذا الخداع والتضليل منذ نشأتها بل وقبل ذلك عبر أمها المفرطة منظمة التحرير، وفي كل مرحلة كانت السلطة أو المنظمة تنتحل دوراً وترمي إلى تحقيق آخر لتفلح في تمرير المخططات والمؤامرات، فالكفاح المسلح الذي تبنته منظمة التحرير كان هدفه عملية التسوية وتمكين يهود من أرض فلسطين، واليوم وعلى غرار جرائمها بحق فلسطين وأهلها ومقدساتها تنتحل السلطة دور المقاطع لمنتجات المستوطنات وهي ترمي إلى إشغال الناس بهذه الألهية التي لا تسمن ولا تغني من جوع لتغطي على قبح جرائمها من مفاوضات غير مباشرة برغم استمرار الاستيطان الذي يقاطعون أو يزعمون مقاطعة منتجاته.
فقد أعلن صندوق الكرامة والتمكين عن بدء حملة من بيت لبيت "لتوعية" الناس على أهمية مقاطعة منتجات المستوطنات، حيث سيشارك في هذه الحملة 3 آلاف متطوع ومتطوعة وعلى رأسهم محافظوا المحافظات المختلفة حيث سيوزعون دليل مقاطعة منتجات المستوطنات. كما باتت هذه القضية الشغل الشاغل لسلطة خاوية الوفاض السياسي فنظمت المسابقات والحملات في داخل المدارس "لتوعية" الطلاب على ضرورة هذه المقاطعة.
إن قرار مقاطعة منتجات المستوطنات قد اتخذ عام 2005 لكن تفعيله كان اليوم في ظل المفاوضات غير المباشرة وفي ظل المواقف المخزية للسلطة التي لم يبق في وجهها ماء أو حياء، مما يعطي انطباعا واضحاً جلياً على أن وراء الأكمة ما وراءها وأن حملة السلطة لم تكن بسبب "حميتها" او "غيرتها" على أرض فلسطين التي فرطت بجلها أو كلها أو على مصلحة المواطن ومنتجاته المحلية الذي ألبسته ثوب الفقر والجوع والخوف.
إن مما لا شك فيه أن السلطة لا تملك قراراً سيادياً واحداً على الأرض، وأن يهود يدركون مرامي تصرفات السلطة ومغزاها لذا تراهم يغضون الطرف عن أفعالها مع الاحتفاظ ببعض التصريحات الإعلامية ليحافظوا على بريق هذه الأفعال الخاوية والتي أصبحت هي والمقاومة الشعبية السلمية الطريقة المثلى لتحرير فلسطين وتطهيرها من رجس يهود!!!
كما أن السلطة تسعى مما تسعى إليه من هذه التصرفات إلى ترسيخ أن فلسطين هي المحتل عام 67 فقط لا غير، فالمستوطنات التي تقاطعها السلطة أو هكذا تزعم هي تلك القائمة في المحتل عام 67 فقط إذ لا حق لنا وفق اتفاقيات السلطة الخيانية التي أبرمتها مع كيان يهود في أراض تل الربيع أو حيفا أو عكا أو طبريا أو صفد أو بئر السبع فتلك أراض "إسرائيلية" وفق تصنيفات السلطة!!!
إن قضية الاستيطان علاوة على مقاطعة منتجاته باتت ألهية بيد السلطة وأزلامها وباتت عنوان المرحلة والبوابة التي يراد للاتفاقيات الخيانية أن تلج للناس عبرها، فإذا ما وقف الاستيطان أو أزيلت بعض المستوطنات سيطبل أزلام السلطة ويزمروا فرحاً بتحقيق فتح الفتوح، مضللين الأمة عن أن فلسطين التي رويت بدماء الصحابة هي فلسطين من بحرها إلى نهرها.
إن فلسطين هي فلسطين وليست الضفة وغزة فقط ولن تفلح السلطة بحملاتها التضليلية ولا مفاوضاتها التآمرية ولا اتفاقياتها الخيانية بتغيير التاريخ أو تحريف الجغرافيا، ومن باب أولى لن تفلح في زعزعة عقيدة المسلمين التي ربطتهم بفلسطين ربطاً محكماً، عبر الإسراء وفتح الفاروق وآي الذكر الحكيم.
إن أفئدة المسلمين قد تعلقت ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس قبل أن تفتح وستبقى أفئدة الأمة من أقصاها إلى أقصاها تهوي إليها، وستبقى فلسطين بمقدساتها وأهلها شوكة في حلق الحكام والمستعمرين، وكما كان سقوط الخلافة مؤذناً باحتلال فلسطين فستكون عودة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله مؤذنة بتحرير الأرض المقدسة، وإن فجراً بات يبدد الظلمة قد لاح في الأفق وإن غداً لناظره أقرب من لمح البصر.
(وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)
 
18-5-2010