lahai

أعلنت محكمة العدل الدولية في بيان لها أمس الجمعة، أنها اختتمت جلسات الاستماع العلنية بشأن محاكمة "إسرائيل" بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، بناء على دعوى رفعتها دولة جنوب إفريقيا وأيدتها عشرات الدول، على أن يصدر قرارها بعد المداولات في جلسة علنية يعلن عنها في الوقت المناسب.

 على الرغم من أن ما يقوم به كيان يهود من جرائم بشعة في غزة لا يحتاج إلى محكمة لتصنفه بالإبادة، إذ أن أعداد الشهداء والجرحى، والأرض المحروقة والمنازل المدمرة، والتجويع والحصار، بالصورة المباشرة التي لا زالت مستمرة، كافية لدمغ الكيان بالجريمة، ووصمه بالوحشية، وعلى الرغم من أن نتائج هذه المحكمة، بل كافة المؤسسات الدولية، لا يعول عليها في رد حق أو ردع ظالم، عوضا عن أنها لا تملك آلية لتنفيذ قراراتها التي تأخذ وقتا طويلا بينما الدماء تسفك.

على الرغم من كل ذلك، إلا أن إجرام الكيان ووحشيته قد فرضت نفسها على شعوب الأرض لترفضها بالمظاهرات العارمة، ليكشف الكيان بذلك عن حقيقته أمام العالم، ككيان مجرم فاسد، ولينتقل من دور المظلومية التي تغذى عليها طوال عشرات السنين إلى دور المجرم المدان، وكذلك ليؤسس لنفسه مرحلة جديدة من الكره والعزلة، تلك العزلة التي ستسهل إزالته وتجعل زواله غير مأسوفٍ عليه، وبحيث أن هذه الوحشية قد فرضت نفسها لتقدم بعض الدول كجنوب أفريقيا على مقاضاة الكيان على جرائمه في هذه المحكمة.

غير أن هذه المحاكمة قد كشفت كذلك عن حجم المدى الذي ذهبت إليه الأنظمة في بلاد المسلمين من التخاذل والانحطاط، وذلك عندما يأتي  طلب المحاكمة من جنوب أفريقيا، بحيث لم تقم هذه الأنظمة بأي قدر ولو كان رمزيا، وبأي إجراء ولو كان بالحد الأدنى مما يؤذي الكيان، تماما كما أنها لم تطرد سفيرا أو تقطع العلاقات معه كما فعلت جنوب أفريقيا أو بوليفيا مثلا، وما كل ذلك إلا لضلوعهم في العمالة، وهم بهذا إنما أخذوا دورهم بتلك الصيغة في التغطية على الكيان والاصطفاف إلى جانبه في حربه على أهل فلسطين، بل والأكثر من ذلك أن ممثل الدفاع عن الكيان في جلسة المحكمة بالأمس قد فضح دورهم وكشف سترهم، بالرغم من تغطيتهم له، عندما قال إن مصر هي التي تعيق إدخال المساعدات إلى غزة كونها هي المسيطرة على المعبر!

 إن  الإجراء الصحيح ليس هو محاكمات دولية، بل الأجراء الصحيح  والطبيعي هو تقوم به الدول كافة في حالة العدوان، وهو استعمال الجيوش، والسلاح الذي أعد لذلك، وهكذا هي الدول، ولكن الحكام قد نزلوا بمستوى أقطارهم دون الدول بكثير، ودون ما تقتضيه أعراف الدول الطبيعية في حالات العدوان، عوضا عما يقتضيه الإسلام الذي يأبى الذل لأمة الإسلام، وشعوبها المسلمة، ومن هنا فإن ما بات أولوية قبل هذه الإجراء الصحيح هو إزالة قوى الأمة لهؤلاء الحكام الخونة من سدة الحكم، وتسليم تلك الحكم وزمام القوة لقيادة سياسية جديرة بها وباستعمالها، لتغيث أهل فلسطين من فورهم بجند ومدد، دون نظر المحاكم وانتظارها بينما الدماء تراق، ليتنزل حينئذ نصر الله (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

13-1-2024