تعليق صحفي

إصرار أمريكا على قرارها وازدياد غطرستها

مردُّه عجز الأنظمة بل تآمرها

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها، إن قرار أمريكا فتح سفارتها لدى كيان يهود بالقدس في أيار/مايو، يتجاهل قرارات الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ويظهر إصرار واشنطن على الإضرار بالسلام، وأن القرار "يبعث على القلق الشديد". وكانت الخارجية الأمريكية قد قالت إنها ستفتح سفارة في القدس في أيار/مايو بالتزامن مع الذكرى السبعين لقيام كيان يهود (ذكرى النكبة). (القدس العربي 24/2/2018)

لم يكن لأمريكا أن تستخف بالمسلمين ومقدساتهم لو كان من ورائهم إمام يقاتل من ورائه ويتقى به، وما كان لها أن تواصل غطرستها وتزيد من جرعات إهانتها للمسلمين لو أنها لاقت رد فعل يوازي جرائمها، لكنها ألفت حكاماً متآمرين على أمتهم، همّهم الأول تنفيذ مخططات المستعمرين على اختلافهم، ومحاربة المسلمين، فأجرمت وسدرت في غيها.

إن قرار أمريكا سواء طبقته فعليا أم غيرت رأيها مرة أخرى لن يشكل فرقاً لدى المسلمين، الذين لا يرون فرقاً بين تل الربيع (تل أبيب) وبين القدس، ولا يرون فرقاً بين المحتل عام 48 والمحتل عام 67، ولا يرون أمريكا صاحبة شأن أو تقرير في قضية الأرض المباركة، وإنما هو يشكل فرقاً لدى اللاهثين خلف حل الدولتين الأمريكي المنشأ، والذين طالما تغنوا بإقامة دولة تكون (القدس الشرقية) عاصمتها، فإذا بهم يُصفعون بقرار أمريكا وصفقتها صفعات تلو الصفعات، ويظهر للملأ أن دولتهم سراب بقيعة وأن ركضهم خلف قرارات الأمم المتحدة لم ينتج سوى إطالة عمر الاحتلال وإكساب المحتل المزيد من الوقت ليلتهم الأرض استيطاناً ومصادرة وتخريبا...

ومع مرور الأيام والأشهر بات إعلان ترامب وقراره في نظر الحكام لا يعدو كونه "مثيراً للقلق" و"مضرا بالسلام"! بعد أن خطب هؤلاء العنتريون خطبهم الجوفاء في مؤتمراتهم التي لم تكن تسمن أو تغني من جوع، بل كانت تجمعاً "سيركيّاً" يمارس فيه الحكام ألعابهم البلهوانية ليخدعوا بها العامة، وهم في حقيقتهم ليسوا سوى أسنانٍ في دولاب المشاريع الأمريكية أو مشاريع الدول الأوروبية التي تركض لكيلا يفوتها القطار.

إن هذا الصلف الأمريكي أدى إلى كشف مواقف الحكام أكثر فأكثر، ومنهم حكام السعودية ومصر الذين أكدوا على محورية الدور الأمريكي في صنع (السلام) رغم عدائه الفاضح للمسلمين، وليس أقل منهم هؤلاء الحكام الذين سعوا لامتصاص غضب الأمة عبر مؤتمراتهم وخطاباتهم واستنكاراتهم الفارغة، كحكام تركيا، أو أولئك الحكام الذين لا يعارضون قرار أمريكا غيرةً على القدس ومقدساتها بل سيرا في مخططات المستعمرين ولهثاً وراء حل الدولتين كحكام الأردن ورجالات السلطة!

وإزاء هذا الاستخفاف الأمريكي والعدوان اليهودي وتآمر الحكام وتواطؤهم مع المستعمرين، ليس أمام الأمة من رد حقيقي على قرار أمريكا وجرائمها المستمرة وسعيها لتصفية قضية فلسطين سوى التحرك العاجل لإفقادها أدواتها، وهم الحكام، بإسقاطهم وإسقاط أنظمتهم، وإقامة الخلافة على منهاج النبوة على أنقاضهم، خلافة تحرك الجيوش لتحرير الأقصى وكل فلسطين وتشرد باليهود مَن خلفهم من الأمريكان والأوروبيين وتُنصر بالرعب.

﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾