بسم الله الرحمن الرحيم

السلطة الفلسطينية عبر قراراتها الجائرة
تهدد السلم الأهلي وتسعى لتدمير المجتمع وإفقار الناس وإغراقهم في الحرام


منذ أن وجدت السلطة وهي تعمل بالخبث والتهديد والترهيب لتطويع أهل فلسطين وجعلهم لقمة سائغة لأعدائهم، وهي تُلبس جرائمها بالقانون تارة، وتضرب بالقانون عرض الحائط تارة أخرى، ودأبها تنفيذ مخططات المستعمرين والتي من أهمها سلخ أهل الأرض المباركة عن دينهم، وهي سياسة بعيدة المدى تهدف إلى تمكين كيان يهود وحمايته وتعزيز وجوده ليس في فلسطين فحسب بل لتكون له أذرع ممتدة في بلاد المسلمين.
لقد اكتوى أهل فلسطين بمفاوضات السلطة الاستسلامية وما جرّته من ويلات وكوارث وتفريط بالأرض والمقدسات، وقد تحول مشروعها "الوطني" من مشروع للتحرر من الاحتلال إلى جهاز أمني لخدمة الاحتلال، وإلى مشروع استثماري لقادتها الذين لا يشغلهم سوى السيطرة على الامتيازات وتنمية استثماراتهم.
لقد أضحت السلطة الفلسطينية أداة أعدائنا الفاعلة في قتل صمود أهل فلسطين، فتوقيعها الآثم على اتفاقية سيداو ليس له هدف سوى تفتيت الأسرة وتمكين الغرب من نسائنا وأطفالنا، وأصبح مفهوم الجندر (النوع الاجتماعي) يروج له في المؤسسات كلها، وتعقد له المحاضرات والندوات، وأدخلته السلطة في مناهج التعليم لتعلم أبناءنا أن الهُوية الجندرية ليستْ ثابتة بالولادة؛ بل تؤثِّر فيها العوامل النفسية والاجتماعية، وتتغيَّر وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية، فشعور الذكر بأنه أنثى هو شعور طبيعي يجب احترامه وميول الأنثى إلى أنثى مثلها هي ميول طبيعية تجب حمايتها، فصار اللواط والسحاق من حقوق الأفراد التي تجب حمايتها بزعمهم، وجعلت السلطة للشواذ مؤسسات ونواديَ تحميها أجهزتها الأمنية، ويُدافع عنها وزراء في السلطة، فأي إجرام هذا؟! وهل صيانة المجتمع ورعايته تكون بنشر الشذوذ وحمايته؟!
ثم تجرأت السلطة على الناس وأمعنت في إجرامها تجاههم بسنها عدداً من التشريعات تحت اسم "قرار بقانون"، فاستهدفت جوانب الحياة كلها من أجل تعزيز الجباية وامتصاص دمائكم وتنفيذ سياسات أعدائكم.
فتآمرت على مقدرات العمال وأتعابهم لتضع يدها عليها من خلال قانون الضمان الاجتماعي، وكذلك ما يخص أجور العقارات التي محل نزاعات حقوقية بين الناس والرسوم التي فرضتها، ثم تعديلات قانون الضريبة ومنها ضريبة المعارف 7% على صافي إيجار الأبنية وهي غير ضريبة الأملاك والدخل والإضافية، فهذا الحجم من النهب لأموال الناس هو شكل من أشكال الفت في عضدهم ودفعهم لبيع ممتلكاتهم، ثم كانت قوانين "التنفيذ وأصول المحاكمات المدنية والتجارية والإجراءات الجزائية" وغيرها الكثير، تلك القوانين الظالمة التي من شأنها أن تمس السلم الأهلي وتدفع الناس لأخذ حقوقهم بأيديهم فتعم الفوضى ويعتدى على الممتلكات والدماء فيتفتت المجتمع وتتعمق فيه النزاعات، وفوق هذا فقد صيغت بعناية لدفع الناس إلى البنوك الربوية كي تنهشهم الديون ويغرقوا في مستنقع الحرام وفي حرب من الله لا قِبَلَ لهم بردها.
وبقرار جائر تم استملاك نحو 73 دونما من أرض وقف الصحابي الجليل تميم الداري رضي الله عنه من أجل تمليكها لكنيسة المسكوبية تمهيداً لتسريبها لكيان يهود كما حصل في عدد من أملاك الكنيسة التي تم تسريبها للمستوطنين، ولا زالت السلطة تسعى من خلال رئيس مجلس القضاء "أبو شرار" للالتفاف على القرار القضائي الصادر عن المحكمة العليا ببطلان قرار الاستملاك، فلماذا هذا الإصرار من السلطة على نقل ملكية أرض وقفية وقفها رسول الله صلى الله عليه سلم؟!
وبقرار معاد للأمة تم سن قانون "حماية الطفل" الذي لم يكن لحماية أطفالكم من جرائم الاحتلال، ولا لحمايتهم من الهجمة الغربية التي تهدف إلى سلخهم عن دينهم، بل جاء القانون تنفيذاً لإملاءات الدول الأوروبية المانحة، لنزع ولايتكم عن أبنائكم وأسركم ليصبحوا فريسة سهلة للقيم الغربية وأداة بيد أعدائكم.
فقانون "حماية الطفل" يجعل من حق الطفل اختيار دينه، ولباسه، وتحديد ميوله الجنسية بعيداً عن أسرته وما يحكمها من قيم، فالقانون يعطيه الحق في تحديد ميوله الجنسية ولا يعطيه الحق بالزواج إلا بعد بلوغه 18 عاماً، فما هو المقصود من هذا؟! ثم يجعل تأديب الأب لابنه أو المعلم لتلميذه جريمة عنف، وإلزام البنت باللباس الشرعي جريمةَ تمييزٍ وعنفاً، أليس هذا تدميراً لأبنائنا وأسرنا؟
إنهم لا يريدون لكم تعليم أبنائكم الصلاة وآداب الإسلام إذ أصبح العمل بقول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ ‌بِالصَّلَاةِ ‌لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رواه أحمد، جريمة يُعاقب عليها بحسب قانون "حماية الطفل"!
كل هذا يؤكد أن الأساس الذي تنطلق منه السلطة هو تدمير المجتمع وسرقة أموال الناس وليس حماية حقوقهم، فلو كان الأساس هو الرعاية وحماية حقوق الناس لعملت على محاربة الفساد وهدر الأموال المستشري في مؤسساتها، والتي شواهدها كثيرة وقسم منها له ملفات مفتوحة، وخصوصاً ملفات الذين يسربون الأراضي لكيان يهود، ودور الأجهزة الأمنية في ذلك.
يا أهل الأرض المباركة: إن قرارات السلطة باتت أداة لهدم المجتمع وتمزيقه وتضييع قيمه، وهو ما يوجب العمل لكف يد السلطة عن تلك القرارات، ومحاسبتها على تجاوزاتها، وأن يكون الرفض لهذا النهج المتغوّل قاطعاً، فحماية أرضكم وأسركم وأبنائكم وأموالكم توجب عليكم الوقوف بقوة وثبات رفضاً لكل قراراتها الإجرامية والعمل على إلغائها وإبطالها.
إن هذه القضية يتعلق بها مصيركم جميعا، فالأجهزة الأمنية تريد اعتقال أبنائكم وتمديد توقيفهم دون عرض على القضاء من أجل التنكيل بهم وتعذيبهم في مقراتها، لتكسر إرادتكم ولتفرض أجواء إرهابية عليكم تُمكن قادة السلطة ومَن وراءهم من سحقكم دون أن ينكر عليهم أحد، لذلك ندعوكم للتصدي لتغول السلطة، وإلا أوردتكم المهالك وألبستكم ثوب الخزي والخسران.
يا أهل الأرض المباركة: إذا كان رموز السلطة يتحدثون عن القانون وسيادته فإن ما تقوم به السلطة ممثلة برئيسها وحكومتها وقادة أجهزتها الأمنية هو جريمة مكتملة الأركان، وهي بقراراتها هذه ليست متهمة بالعبثية أو الدكتاتورية بل اقترفت الخيانة العظمى بتنسيقها الأمني مع الاحتلال، وتبنيها لسياسات أعدائكم وتعاونها معهم من أجل تحطيمكم وإفقادكم القدرة على الصمود، فأهداف سياستها وقراراتها واضحة كالشمس في رابعة النهار فهي تهدف إلى تدميركم، وقتل روحكم الثائرة الرافضة للمشاريع الاستعمارية، والقضاء على تطلعاتكم الإسلامية وسلخكم عن دينكم وأمتكم، لإطالة أمد الاحتلال وتمكينه من قضم البلاد وتوسيع المستوطنات.
وفي الختام: ندعو أهل الأرض المباركة جميعاً، عشائر ووجهاء ونقابات وفصائل رجالاً ونساء، شيباً وشباباً للوقوف بقوة أمام تغول السلطة، ونؤكد على ضرورة أن يكون الموقف موحداً لوضع حد لقرارات السلطة الظالمة وإلغائها جميعها وعدم التفاوض عليها أو البحث في تعديلات شكلية عليها، لأن ضرر هذه القوانين سيكون كارثياً عليكم وعلى أسركم ومدمراً لقضيتكم، وبفضل الله ورحمته سيبقى حزب التحرير بكم ومعكم ظاهراً على الحق متصدياً لكل من أراد ديننا وأمتنا بسوء.
وأخيراً: إن صيانة المجتمع وتحقيق الرخاء والطمأنينة لأفراده، لا يكون إلا بأحكام الإسلام وبقيادة تقية مخلصة لله ورسوله، وبعون الله تعالى وتوفيقه لنُقيمنَّها خلافة راشدة على منهاج النبوة كما بَشَّر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنري العالم من العزة والعدل ما يحمل الناس على الدخول في دين الله أفواجا، وإن نصر الله قريب.
﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ ‌مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾
7 محرم 1444هـ                                                                                                                                                 حزب التحرير
الموافق 5/8/2022م                                                                                                                                   الأرض المباركة فلسطين