النظام الاجتماعي في الإسلام

 

النظام الاجتماعي في الإسلام

الطبعة الرابعة
1424هـ - 2003م
(معتمدة)

(نسخة محدثة بتاريخ 2020/09/27م)

تحميل الكتاب

تحميل الكتاب

محتويات/فهرس الكتاب              اقرأ في هذا الكتاب
آيات الافتتاح
مقدمة في النظام الاجتماعي
المرأة والرجل
أثر النظرة إلى الصلات بين الرجل والمرأة
تنظيم الصلات بين المرأة والرجل
الحياة الخاصة
وجوب انفصال الرجال عن النساء في الحياة الإسلامية
النظر إلى المرأة
لا يجب على المرأة المسلمة أن تغطي وجهها
المرأة والرجل أمام التكاليف الشرعية
أعمال المرأة
الجماعة الإسلامية
الزواج
المحرمات من النساء
تعدد الزوجات
زواج النبي صلى الله عليه وسلم
الحياة الزوجية
العزل
الطلاق
النسب
اللعان
ولاية الأب
كفالة الطفل
صلة الرحم
 

مقدمة:
يتجاوز الكثيرون من الناس فيطلقون على جميع أنظمة الحياة اسم (النظام الاجتماعي) وهذا إطلاق خاطئ. لأن أنظمة الحياة أولى أن يطلق عليها (أنظمة المجتمع)، إذ هي في حقيقتها أنظمة المجتمع، لأنها تنظم العلاقات التي تقوم بين الناس الذين يعيشون في مجتمع معين، بغضّ النظر عن اجتماعهم أو تفرقهم. والاجتماع لا يلاحظ فيها وإنما تلاحظ العلاقات فحسب، ومن هنا كانت متعددة ومختلفة بحسب تعدد العلاقات واختلافها، وهي تشمل الاقتصاد، والحكم، والسياسة، والتعليم، والعقوبات، والمعاملات، والبيّنات وغير ذلك. فإطلاق (النظام الاجتماعي) عليها لا وجه له، ولا ينطبق عليها. وعلاوة على ذلك فإن كلمة (الاجتماعي) صفة للنظام، فلا بد أن يكون هذا النظام موضوعاً لتنظيم المشاكل التي تنشأ عن الاجتماع، أو للعلاقات الناشئة عن الاجتماع. واجتماع الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، لا يحتاج إلى نظام لأنه لا تنشأ عنه مشاكل، ولا تنشأ عنه علاقات تحتاج إلى نظام. وإنما يحتاج تنظيم المصالح بينهما إلى نظام، من حيث كونهم يعيشون في بلاد واحدة ولو لم يجتمعوا. أما اجتماع الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، فإنه هو الذي تنشأ عنه مشاكل تحتاج إلى تنظيم بنظام، وتنشأ عنه علاقات تحتاج إلى التنظيم بنظام، فكان هذا الاجتماع الأولى بأن يطلق عليه النظام الاجتماعي لأنه في حقيقته ينظم الاجتماع بين الرجل والمرأة، وينظم العلاقات التي تنشأ عن هذا الاجتماع.

ولذلك كان النظام الاجتماعي محصوراً في النظام الذي يُبيِّن تنظيم اجتماع المرأة بالرجل والرجل بالمرأة، وينظم علاقة المرأة بالرجل والرجل بالمرأة الناشئة عن اجتماعهما، لا عن مصالحهما في المجتمع، ويبيِّن كل ما يتفرع عن هذه العلاقة. فتجارة المرأة مع الرجل والرجل مع المرأة هي من أنظمة المجتمع، لا من النظام الاجتماعي. لأنها تدخل في النظام الاقتصادي. أما منع الخلوة بين الرجل والمرأة، أو متى تملك المرأة طلاق نفسها، أو متى يكون للمرأة حق حضانة الصغير، فإن ذلك كله من النظام الاجتماعي. وعلى ذلك يكون تعريف النظام الاجتماعي هو: النظام الذي ينظم اجتماع المرأة بالرجل، والرجل بالمرأة، وينظم العلاقة التي تنشأ بينهما عن اجتماعهما، وكل ما يتفرع عن هذه العلاقة.

خاتمة:
وقد جعل الإسلام الأقارب قسمين أحدهما الأقارب الذين يمكن أن يرثوا الشخص إذا مات. والثاني أولو الأرحام. أما الذين لهم حق الإرث فهم أصحاب الفروض والعصبات، أما ذوو الأرحام فهم غير هؤلاء، وهم من لا سهم لهم في الميراث وليسوا بعصبة. وهم عشرة أصناف: الخال والخالة، والجد لأم، وولد البنت وولد الأخت، وبنت الأخ، وبنت العم، والعمة، والعم لأم، وابن الأخ لأم ومن أدلى بأحد منهم. وهؤلاء لم يجعل الله لهم نصيباً في ميراث الشخص مطلقاً. ولكن الله أمر بالصلة والبر بالأقارب جميعاً. فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه فإن كان له فضل فعلى عياله فإن كان له فضل فعلى قرابته) أخرجه ابن حبان وابن خزيمة. وعن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً قال: (يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة. فقال القوم: ما له، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرَبٌ ما له. فقال النبي: تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم) أخرجه البخاري. فأمر بصلة الرحم، ولم يبين هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي وردت بصلة الرحم هل المقصود هم ذوو الأرحام فحسب، أم هم كل من انتسب إلى رحم الشخص. والظاهر من الأحاديث العموم، فهو يشمل صلة كل واحد من الأرحام، سواء أكان رحماً محرماً أم رحماً غير محرم من العصبة أو ذوي الأرحام، فإنهم كلهم يصدق عليهم إنهم أرحام، وقد وردت عدة أحاديث في صلة الرحم فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) أخرجه مسلم من طريق جبير بن مطعم. وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) متفق عليه، وينسأ له في أثره أي يؤخر أجله. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَهُوَ لَكِ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) متفق عليه واللفظ للبخاري، وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) أخرجه البخاري من طريق عبد الله بن عمرو. وهذا كله يدل على الحث على صلة الرحم. وصلة الرحم تدل على مبلغ ما شرعه الله من الصلة والود بين الجماعة الإسلامية، في صلة الأقارب بعضهم مع بعض، والتعاون بينهم، وعلى مبلغ عناية الشرع في تنظيم اجتماع المرأة بالرجل، وتنظيم ما ينشأ عن هذا الاجتماع من علاقات، وما يتفرع عنه، فكان الشرع الإسلامي بالأحكام التي شرعت للناحية الاجتماعية في المجتمع خير نظام اجتماعي للإنسان.