تعليق صحفي

الحكومة الفلسطينية تصفّق لليونسكو على موقفها من "مناهج القدس"

بينما تدمر المناهج المدرسية الفلسطينية

ذكرت وكالة وفا أن حكومة رامي الحمد الله رحبّت بالقرار الذي تبنّته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) فيما يتّصل بمدينة القدس المحتلة، وأضاف المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية إن "اليونسكو" أعلنت بوضوح رفضها لمحاولات الاحتلال المستمرة للمساس بالمناهج التعليمية في القدس المحتلة وهدم المدارس، والمؤسسات التربوية.

لا يخفى على كل سياسي واع أن اليونسكو هي أداة من أدوات الهيمنة الغربية وبوقا من أبواق الرأسمالية العالمية لترويج ثقافتها، ولذلك فإن موقفها من رفض تغيير "المناهج المدرسية" في القدس لا يمكن أن يكون موقفا مخلصا لفلسطين وأهلها، بل هو موقف سياسي منبثق عن الرؤية الاستعمارية، وهو تحت سقف المشروع الأمريكي لتصفية قضية فلسطين حسب "حل الدولتين".

وإن الرائحة النتنة لحملة تغيير المناهج المدرسية في بلاد المسلمين -في فلسطين والجزائر والمغرب والأردن- قد أزكمت أنوف الناس، وقد أثارت هذه التعديلات حراكا ثقافيا وشعبيا، واشتعلت مواقع "التواصل الاجتماعي" تبرز تصادم هذه المناهج مع القيم والهوية الإسلامية، وهي حملة غربية ترعاها الدول الغربية ومؤسساتها الحضارية والثقافية وجهاتها المانحة، ومن ضمنها "اليونسكو" نفسها، حيث عقدت في 2016/9/20 مؤتمراً لمنع التطرف العنيف من خلال التعليم بالتعاون مع معهد «المهاتما غاندي» للتعليم من أجل السلام والتنمية المستدامة في نيودلهي، وكانت من مخرجاته أنه "لا بد من معالجة مسألة تغيير المناهج التربوية في الشرق الأوسط والمناطق الأخرى التي تشهد ازدهارا للأفكار المتطرفة بعقلانية ووعي".

وإن الحكومة الفلسطينية نفسها شريكة–مع الحكومات العربية الأخرى- في هذه المؤامرة على عقول وقلوب أبنائنا، وقد طفحت على السطح تلك الجريمة الثقافية والسياسية لوزارة التربية والتعليم، ولحكومة الحمد الله، التي تريد –عبر تغيير المناهج- سلخ طلبة المدارس عن ثقافة الأمة وترويج ثقافة منحطة بينهم. وهي تهدف إلى تفريغ المناهج من أية أثر للثقافة الحضارية الإسلامية، مع بث السموم الفكرية للحضارة العلمانية الغربية.

وقد تركزت تعديلات المناهج الجديدة -في البلدان المستهدفة عموما- على تلطيخ صورة الإسلام مثلا عبر ربط صورة المسلم (الملتحي) بالتطرف والإرهاب، واستهدفت حذف آيات وأحاديث بحجة أنها تشجع على التطرف والإرهاب، وتقزيم النظرة لقضية فلسطين عبر ترويج الحل السلمي ومبدأ الدولة الوهمية على حدود 1967، مع تكريس الرابطة الوطنية بديلا عن رابطة العقيدة الإسلامية الجامعة، والاعتداد بما يسمونه رموز "السيادة الوطنية" كالكوفية والسلام الوطني... بديلا عن سيادة الشرع وسلطان الإسلام... وهذا ما يحتاج إلى إبرازه في مقارنات وتفاصيل لا يتسع المقام لذكرها هنا.

ومن المعلوم للمتابعين أن هذه الحملة هي استجابة للإملاءات الأمريكية، وقد كانت وسائل الإعلام قد تحدثت قبل أشهر عن "ضغوطات أمريكية لتغيير المناهج في فلسطين بهدف حماية “إسرائيل”"، وبينت أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، استخدم عصا ضغوطاته السياسية والمالية على السلطة الفلسطينية، لإجراء تعديلات جوهرية على المناهج الفلسطينية، تحت ذريعة أنها “تزرع العنف والحقد”، "وتضر بإسرائيل وأمنها".

ولا شك أن الحكومة الفلسطينية –كغيرها من الحكومات المتآمرة الأخرى- لن تفلت من سطوة الحراك الشعبي والسياسي ضد هذه الهجمة الشرسة على أبنائنا، وعلى عقولهم:

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

14/10/2016