تعليق صحفي
لهب الثورة في مصر... لم تطفئه الردة الثورية من السيسي وأبواقه
نشرت الجزيرة نت خبر تواصل الاحتشاد من قبل الثائرين في مصر ضد الرئيس المصري السيسي، تحت عنوان "الثورة مستمرة.. مصريون يحشدون والأمن يستنفر"، حيث تبدو في الأفق المصري نذر تفجّر الواقع الثوري من جديد.
إن هذه البشائر تجدد الأمل في أهل مصر لأن ينتفضوا من جديد ضد الاستبداد، لخلع أركان النظام الديكتاتوري من جذوره، وإن ما سبق من "نصف الثورة المصرية" وما نتج عنها من آلام ومآس يجب أن تدفع اليوم إلى العمل الجاد لاجتثاث النظام الاستبدادي من جذوره، لئلا يرتد على الناس بمخالب جديدة بعد السيسي.
وخصوصا بعدما انكشف للناس أن مقتل الثورة الأولى كان في قرار القوى السياسية في مصر بقبول التحاور مع النظام والقبول بنصف ثورة، وذلك عندما تحولت عن استكمال خط الثورة وخلع النظام من جذوره إلى مسار اللعبة الديمقراطية الخادعة، وهو ما مكّن أركان النظام المستبد من التجدد الحيوي، وإعادة إنتاج الاستبداد، ومن ثم من تنفيذ خطة "الردة الثورية"، التي استطاع النظام عبرها أن يستجمع قواه من جديد، وأن ينظّم صفوف فلوله، تحت عين وبصر المجلس العسكري الذي أصرّ على خيانة الثورة وخيانة الأمة، وأصر على الارتماء في أحضان أمريكا، ثم دخل السيسي كالحية الملساء في عباءة الرئيس المخلوع مرسي، حتى إذا ما تمكن منه خلعه.
ولذلك يجب على القوى السياسية التي تتفجر ثورة من جديد أن لا تكرر مأساتها في منح النظام فرصة ذهبية جديدة، بأن ترضى بنصف ثورة وتنسحب من ميادين الثورة مبكرا عند أول وعد بتغيير ديمقراطي كاذب، وإن الوعي السياسي يوجب على القوى الثورية أن لا تنجر من جديد نحو المسار الديمقراطي، بل أن ترابط في ميادين الثورة حتى تبيد النظام وفلوله وتسلمهم لمحاكم الأمة ولدستور الأمة لا لمحاكم النظام ودستوره.
ومن الواجب على كل مخلص أن يذكّر الثائرين أن نصف الثورة هي فرصة النظام للقضاء على رجالاتها، وإن نصف الحرية هي فسحة للنظام ليستجمع قواه ويبدأ بمشوار كبتٍ جديد، وإن نصف التغيير هو ترقيع للنظام، يعيد فيه تشكيل نفسه.
ولذلك نبرق رسالة ثورية لأهل مصر ولكل مخلص من أبناء هذه الأمة، بأنه لا بد للقيادات الثورية الجديدة أن تدرك معادلة التغيير السياسي: بأنها فكرة ظاهرة تستند إلى قوة ناصرة، مما يشهد بها التاريخ والواقع، ومن ثم أن تعمل على تطبيق معادلة التغيير -السياسية والتاريخية- هذه ميدانيا.