تعليق صحفي
من يحمي الاحتلال اليهودي لا يمكن أن يحمي شعبه
والقوات الدولية هي احتلال دولي مركب
في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة، جدد رئيس السلطة الفلسطينية دعوته لتأمين الحماية الدولية بعدما أقرّ بعجزه عن حماية أهل فلسطين تحت وقع ما يتعرضون له من اعتداءات واغتيالات ميدانية من قبل جيش الاحتلال اليهودي ومستوطنيه. وقال فيه: "أكدنا لمعاليه على طلبنا السابق بضرورة توفير نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني بعد أن فقدنا القدرة على حماية أنفسنا وشعبنا من الهجمات الارهابية للمستوطنين وللجيش، ونأمل أن تساعدونا في الحصول على الحماية الدولية" (وكالة وفا).
إن عباس ورجالات منظمته يريدون اليوم تسخير الدماء الزكية لأبطال فلسطين من أجل تنفيذ مخطط استعماري متجدد لاستجلاب احتلال دولي أشد فظاعة وبشاعة فوق الاحتلال اليهودي المجرم، وقد عاينت الأمة جرائم القوات الدولية في أفغانستان والعراق، وجرائمها في إراقة دماء الأبرياء الذين ادعت أنها جاءت لحمايتهم.
إن أهل فلسطين إذ ينتمون إلى ثقافة الأمة الإسلامية يدركون بشاعة مثل هذه الدعوة ويستشعرون بجرم وإثم من يدعو لها، ولا أدل على عمق هذه الثقافة في وعي الأمة من الفتوى المتجددة لرئيس الهيئة الاسلامية العليا بالقدس المحتلة، الشيخ عكرمة صبري الذي أكّد من جديد حرمة مثل هذه الدعوة الباطلة، مستشهدا بالآية التي نذكّر بها المسلمين باستمرار حول حرمة تمكين الكافرين المستعمرين من بلاد المسلمين، في قول الله تعالى: "وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا". وقال الشيخ عكرمة صبري فيها: "أفتي بتحريم التدويل والتهويد لمدينة القدس، وأنهما مرفوضان شرعاً، ويأثم شرعاً كل من يسهم أو يؤيد التدويل أو التهويد لهذه المدينة". وإذ نثني على هذه الفتوى فإننا ندعو أن ينتشر هذا الحكم الشرعي على لسان كل مسلم.
إن عباس ورجالات منظمته ظلوا يتسلقون على قضية فلسطين، وهم في إصرارهم على هذه الدعوة الباطلة يتحدون الأحكام الشرعية الرافضة للاحتلال بكل أنواعه، وإذ يقرّ رئيس السلطة بعجز سلطته عن حماية أهل فلسطين، لا يستذكر أنها تمتص أموالهم عبر فرض الضرائب الباهظة، وعبر تجييرها لدعم موازنة سلطته التي تسخر ثلثها لتلك الأجهزة الأمنية، التي تتقاعس عن أي فعل لحماية أهل فلسطين، بينما تستنفر دائما لحماية المستوطنين ومطاردة المقاومين.
وهذه القيادات تستمرئ الدعوة الباطلة لاستجلاب قوات احتلال دولية بينما تستنكر الدعوة الحقة لاستنهاض الجيوش الإسلامية، بل وتتصدى لمن يدعو لها بقمع أجهزتها الأمنية، التي تسخرها نفسها لحماية المستوطنين من اليهود. وهي بذلك تؤكد أنها ليست مؤتمنة على قضية فلسطين ولا على أهلها، بل تصر على دحرجة القضية في منحدرات التنازلات وترفض الاعتراف بسجل فشلها الطويل.