تعليق صحفي
العنصرية وجه آخر للرأسمالية المتوحشة... تثري الغني وتزيد الفقير فقراً!
أظهرت دراسة أعدها مركز "بيو" لاستطلاعات الرأي، أن التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة لم يكن متساويا بين العرقيات، وتوصلت الدراسة التي نشرت الجمعة إلى أن الفجوة الاقتصادية بين الأسر البيضاء والأقليات اتسعت، وكانت ثروة أسر "البيض" أكبر بثلاثة عشر ضعفا من أسر "السود" في عام 2013، في مقابل 8 أضعاف في عام 2010.
كما كانت ثروة أسر "البيض" عشرة أضعاف الأسر ذات الأصول اللاتينية، في زيادة عن تسعة أضعاف في عام 2010، وتوصل الباحثون في "بيو"، الذين حللوا بيانات من مسح للمجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن الأحوال المالية للمستهلكين، إلى أن الفجوة بين البيض والسود وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1989، أما معدل الثروة بين البيض وذوي الأصول اللاتينية فهي عند مستوى لم يتحقق منذ عام 2001.
قد يخيل لبعض الواهمين والمضبوعين بالثقافة الغربية وبعض المنسلخين عن أمتهم أن الغرب ينعم بالرفاه وأن أمريكا بلد الفرص للكل، غير أن الواقع يكذب ذلك ويفضح عنصرية الرأسمالية المتوحشة وظلمها وأنانية وتجرد الرأسماليين من كل إنسانية أو قيمة غير القيمة المادية؛
فالغرب الذي يدعى الحريات تقوم شركاته الكبرى بتحديد أسباب التملك من خلال تشريعات تضمن احتكار الموارد والثروات، فهل يستطيع فرد عادي حيازة أو تملك بئر نفط في أمريكا أو الغرب؟! وهل يستطيع غير الرأسماليين في الغرب إصدار تراخيص لإقامة مصانع أدوية أو أسلحة تزاحم الشركات الرأسمالية العملاقة؟!
لقد رسخ الغرب الرأسمالي سلطة رجال الأعمال الرأسماليين عبر منظومة من التشريعات الاقتصادية التي تهدف إلى حماية الشركات الكبرى والبنوك العملاقة، بل وتدخلت الدولة لحماية مصالح البنوك وتجاهلت مصالح الأفراد العاديين كما حصل في أزمة العقار في الولايات المتحدة، وانعكس ذلك ظلما وفقرا وتشردا لآلاف من الإفراد البسطاء، وازداد الأغنياء البيض في معظم الحالات غنى على حساب البسطاء الذين لا وجود لهم في حسابات الدولة الرأسمالية.
فالدول الرأسمالية عنصرية بطبعها لا ترى إلا الأغنياء ولا تحافظ إلا على مصالحهم، فمنظومة الحكم والتشريع في الدولة الرأسمالية تذعن لسياسة وأهواء مموليها من الرأسماليين الذي يقدمون الرشا والهبات والأعطيات بل ويوصلون من يريدون من الحكام والنواب المشرعين إلى سدة الحكم والتشريع عبر تمويل حملاتهم الانتخابية وشراء ذممهم لسن القوانين والتشريعات ووضع السياسات التي تضمن مصالح الشركات والبنوك...فالبشر عبيد من طبقة متدنية في نظام تلك الدول الرأسمالية لا رعاية لهم ولا حقوق.
حقوق وثروات لا يحوزها إلا الرأسماليون، فالدولة الرأسمالية تُمَلك الشركات والمتنفذين الرأسماليين ثروات البلاد العامة من نفط و غاز وغابات وبحار وانهار مقابل رشا و" ضرائب" تصل إلى جيوب السياسيين ولا يرى منها الشعب شيئا، فلا التشريعات الرأسمالية تمكن الشعب من تملك الثروات العامة أو تضمن توزيعها على الفقراء، ولا الأنظمة الفاسدة في الغرب تسعى لرعاية شؤون رعاياها، فهي كما تقرر عبر عقود من الفساد وتطبيق النظام الرأسمالي الفاسد لا ترعى إلا الأغنياء والشركات والبنوك.
إن الظلم الذي تكابده الإنسانية في العالم ما هو إلا نتيجة طبيعية للنظام الرأسمالي الديمقراطي الفاسد الذي يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، ويقتل البشر ويستعبدهم في سبيل مصالح حفنة من الرأسماليين حركت آلاتها العسكرية الدموية في العالم لإشباع نهم مصانعها التي باتت عجلتها تدور على أشلاء وعظام ودماء الفقراء والمستضعفين في العالم.
استضعاف وفقر وقتل واستباحة وعنصرية لن تنتهي ولن تتخلص منها البشرية إلا بتطبيق شرع الله في الأرض الذي يساوي بين البشر أمام التشريعات الربانية ويخرج البشرية من العبودية للرأسماليين إلى رحمة الأحكام الشرعية التي تضمن توزيع الثروات على الشعوب والرعاية الحقة من قبل دولة الخلافة التي ترعى الفقراء وتسعى إلى تأمين الحياة الكريمة لكل مواطنيها بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو لونهم ، لتكون بذلك دولة الخلافة نموذجا للبشرية يسطع نوره فترى البشرية وشعوب الغرب ما يجب أن تكون عليه الإنسانية من رفاهية وعدل...بدل التوحش والمادية الرأسمالية التي يكابدون.
إن على الأمة الإسلامية أن تسعى جاهدة إلى إقامة الخلافة الراشدة، فالرأسمالية أذاقت البشرية صنوف العذاب والأمة الإسلامية هي الوحيدة التي تستطيع إيقاف الوحش الرأسمالي والقضاء عليه لما تمتلك من مبدأ رباني عادل عاشت البشرية في ظله قرونا تتنسم روحانية المبدأ واتصاله بالخالق جل علاه، وإلى أن تصبح الخلافة واقعا ملموسا وللخليفة بيعة واجبة على كل مسلم فإن على الأمة أن تستمر في ثورتها.
13-12-2014