تعليق صحفي
الفساد لدى السلطة والأنظمة العربية، سمة النظام لا الأفراد فحسب
بيّن التقرير السنوي لـ«الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة»، أن أبرز أشكال الفساد لدى السلطة الفلسطينية هو «اختلاس المال العام، وغسل الأموال، وإساءة الائتمان، واستغلال الوظيفة العامة لأغراض خاصة، والواسطة...».
وتبين منظمة الشفافية الدولية التابعة للأمم المتحدة مدى تفشي الفساد في الدول العربية واحتلالها مقاعد متقدمة في الدول الأكثر فساداً حول العالم. وبغض النظر عن أهداف هذه المنظمة وغضها للطرف عن الفساد في أنظمة تدعمها الدول الكبرى سياسياً إلا أن الفساد حقيقة معاشة في البلدان العربية يمكن لأي مواطن فيها إدراك ذلك بل المعاناة الشديدة منه.
إن من التضليل، ما تسعى له الأنظمة عبر محاولتها حصر الفساد بأفراد يعملون ضمن السلطة أو النظام القائم، بل الفساد صفة النظام وهو من ينتج الأفراد الفاسدين بشكل دائم ومستمر، فالنظام كفيل بأن يخرّج فوجاً آخر من الفاسدين كلما زج بفوج في السجن أو بانت عوراتهم فاضطر النظام للاستغناء عنهم.
إن الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين هي أنظمة رأسمالية مستنسخة عن الأنظمة الغربية في أسوأ صورها، فهي أنظمة تقوم على الظلم والجور، وعلى تكريس الثروة، بصورة "قانونية!" أو بدونها، بأيدي فئة رأسمالية حاكمة جائرة تتلقى المال رشوة للحكم وأجرة لتبعيتها للاستعمار وبيعها لثروات البلاد للغرب. وثروات الحكام الطغاة البائدين التي تكشفت عند خلعهم في البلدان العربية شاهد على هذا الواقع.
بينما نظام الإسلام، نظام رباني عادل، شهد العالم على عدله ونزاهة حكامه، وهو خرّج أفراداً بل أمة، لا زالوا مضرب الأمثال لدى البشر، ففي حقهم خليفتهم قال القائل (حكمت فعدلت فأمنت فنمت).
إن فساد أو نزاهة الأفراد ضمن النظام القائم هو حالة انعكاس للحاكم وللنظام، وفي ذلك قال الإمام علي للفاروق عمر عندما استغرب الأخير مدى أمانة القائمين على إيصال زبرجد كسرى وذهبه الذي أغتنمه المسلمون لدار الخلافة بالمدينة بأمانة ونزاهة، قال (عفّت نفسك يا أمير المؤمنين فعفوا، ولو رتعت لرتعوا).
إن أنظمة يعتلي الحكم فيها رويبضات، يخوّنون الأمين ويأتمنون الخائن، جديرة بأن تقتلع من جذورها، وكل ذلك يظهر حجم المسؤولية الملقاة على المسلمين وضرورة حثهم الخطى نحو إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تقيم العدل وتنهي حقبة الظلم والفساد، لينقذوا أنفسهم والبشرية جمعاء مما أصابهم من ظلم وجور.
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)