تعليق صحفي
رحيل فياض لا يعني انتهاء الفياضية وجرائم السلطة
قدم سلام فياض، رئيس وزراء السلطة استقالته لرئيس السلطة بعد هجوم متكرر عليه وعلى سياساته ومنها المالية، سيما التي حملت ميزانية السلطة أعباء كبيرة، بل وضخمتها وضاعفتها، وبعد إقرار ميزانية السلطة الأخيرة قبل أسابيع من قبل فياض ومن قبل رئيس السلطة عباس رغم الاعتراضات التي صاحبتها من قبل عدد من الكتل البرلمانية.
بيد أنّ الذي فجر الأزمة الأخيرة هو الخلاف بين كل من عباس وفياض على قبول استقالة وزير المالية، والخلاف حول من له حق قبولها من رفضها بين كل من عباس وفياض، وما قبل ذلك من تبني أمريكا المستمر لضرورة وجود فياض في رئاسة وزراء السلطة وربط الدعم المقدم للسلطة بوجوده.
إنّ السياسات التي أتى بها فياض، الموظف السابق في البنك الدولي، قد جرّت على أهل فلسطين الضنك وبؤس العيش، فسياسة بناء مؤسسات الدولة المزعومة والتي قام فياض على ترسيخها قد حملت أهل فلسطين عبء السلطة وبناء أجهزتها المدنية والعسكرية المتضخمة، حتى أضحت نفقات تلك الأجهزة المتضخمة تقتطع من كد أهل فلسطين بعد قوانين الضرائب التي عمل فياض على سنها وتوسيعها لتشمل قطاعات اقتصادية ومالية وتجارية جديدة.
لقد كان فياض اختيارا أمريكيا فُرض على السلطة نهاية زمن عرفات، فهي التي فرضت فياض على كل من عباس وعرفات من قبله، كما فرضت عباس على حركة فتح من قبل.
إنّ هجوم بعض الجهات على فياض وسياسته أكثر من مرة في السنوات الماضية ما كان بسبب سياساته التي ينتهجها والتي سيتحمل أهل فلسطين تبعاتها لأعوام طوال بقدر ما كان بسبب إقصائهم وفقا لسياسة أمريكا التي تعمل على إبعاد المناوئين وتقريب الموالين، فقد كان حريا بهم أن لا يطالبوا بإزالة فياض بل بإزالة فياض وعباس وغيرهم من تبع الغرب وكيان يهود وإعادة قضية فلسطين لحضن أمتها، بدلا من التباكي على مشروع وطني ضيق تحول إلى حارس ذليل لعدوه المحتل، كيان يهود.
بل إنّ بعض الأخبار تشير إلى ترشيح بديل عن فياض ترضى عنه أمريكا، ويرضى عنه وزير خارجيتها الذي اجتمع مع محمد مصطفى كمرشح بديل عن فياض، حيث التقى الأخير مع كيري وقدم استقالته من رئاسة صندوق الاستثمار الفلسطيني استعدادا لتولي المنصب بعد فياض.
لذا فإنّ المشكلة لا تكمن في شخص فياض أو عباس رغم كل خدماتهما ليهود وأمريكا، بل إنّ البلاء كله يكمن في سلطة غرة أمام يهود والغرب الممد لها بكل أسباب البقاء من أموال وتبرعات ورواتب وترويج لمشروع سياسي يمكن لكيان يهود في فلسطين ويحفظ أمنه فيها.
فإنّه على الرغم من كل خطايا عباس وفياض، فإنّ قصر الأمر على تغيير وجوه بوجوه ما هو إلا ألهية فصائلية مصلحية بائسة لا تغير من حقيقة واقع السلطة المخزي، لذلك كان على أهل فلسطين أن لا ينخدعوا بتبديل وجوه وبقاء سياسات ظالمة مجرمة تبقيهم في ضنك العيش، فإنّه وإن رحل فياض غير مأسوف عليه، فإنّ الفياضية ستبقى ليتحمل أهل فلسطين وزرها وعواقبها طالما رضوا بالسكوت عن جرائم السلطة السياسية قبل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
14-4-2013