تغيير القيادات لا يوقف تدحرج قضية فلسطين إذا لم يبطل نهج المفاوضات
التفاصيل
إثر إعلان رئيس السلطة الفلسطينية نيته عدم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إلى "الإعلان عن تجميد مشروع التسوية الراهن وتعليقه لفترة من الزمن"، وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه قال "أن اللجنة التنفيذية أكدت تمسكها بالرئيس عباس"، وهو ما أكده عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" نبيل شعت في قوله "أن الحركة متمسكة بعباس وتدعم مواقفه السياسية"، وأن "فتح لن تبحث عن بديل لعباس". وحول هذه التطورات السياسية نقول:
سواء كان هذا الإعلان مجرد فقاعة إعلامية، أو من أجل إيصال رسالة من رئيس السلطة الفلسطينية إلى جميع الأطراف، لحثّهم على تحريك "العملية السلمية" التي تقوم على الاعتراف بدولة يهود، فإن المهم سياسيا لأهل فلسطين هو أن تُعرض أمامهم بوضوح توجهات القادة الفلسطينيين ورؤاهم السياسية لكي لا تكون بعض المواقف المعلنة جسوراً لمسيرة الاعتراف بالمحتل اليهودي.
فقد استمرت قضية فلسطين تتدحرج في هبوط مستمر منذ أن رهنت القيادات الفلسطينية أعمالها وبرامجها بما تطرحه الأنظمة العربية، التي كانت منذ نشأة القضية جزءا من التآمر على فلسطين. وإن استعادة المسار الصحيح لقضية فلسطين، وإيقاف هبوطها، لا يكون بمجرد تغيير الأشخاص، بل بتغيير نهج التنازلات، وبرفض وجود الاحتلال ولو على شبر واحد من أرض فلسطين.
إن التغيير السياسي المنشود لا يتم بمجرد تغيير الأشخاص عبر الانتخابات (تحت حراب الاحتلال)، بل بتغيير البرامج السياسية التي تتبناها وتسير بحسبها القيادات، وبتغيير نهج العمل والخطاب السياسي نحو الأمة الإسلامية لاستنهاضها للقيام بمسؤولياتها نحو فلسطين، ولتحريك جيوشها للجهاد وخلع الاحتلال من جذوره. إن تغيير الفكر السياسي المبدئي يسبق تغيير الأشخاص، وهو الكفيل بوقف تدهور القضية الفلسطينية.
إن الواجب على المخلصين في الفصائل الفلسطينية، وهم يشهدون هذه التطورات، أن يتحركوا لإلغاء اتفاقيات الذل التي كبّلت أهل فلسطين، وجعلت أبناءهم حرّاسا لأمن يهود، لا أن يدعوا إلى مجرد تعليقها، فتعليق المفاوضات يعني أن هناك قرارا مسبقا باستئنافها لاحقاً، ويعني أن أعمال "المقاومة" ستتخذ طريقاً للحلول السياسية المنكرة. والواجب عليهم أن لا يتمسكوا بسلطة تحت الاحتلال يُمنع عنها الماء والخبز والدواء إلا إذا نفّذت التزاماتها وحفظت أمن الاحتلال، وقدمت وأقرت التنازلات عن أرض فلسطين، واعترفت بشرعية دولة الاحتلال ويهوديتها.
وإننا نوجه الدعوة والنصيحة الصادقة إلى المخلصين في الفصائل الفلسطينية أن يرفضوا الاستمرار بمشروع التسوية، وأن يطالبوا بإعادة قضية فلسطين إلى حضن الأمة، وأن لا ينشغلوا بأسماء القيادات وألقابهم وتنافسهم على سلطة هزيلة.