تعليق صحفي
الاعتراف بكيان يهود وحل الدولتين جريمة لا تحتمل التلاعب بالألفاظ وتبادل الأدوار
بالأمس نشرت صحيفة الشرق السعودية أنّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يوم الاثنين الماضي في عمَّان، قدَّم تفويضاً للملك للحديث مع الإدارة الأمريكية في موضوع حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م. وذلك بحسب المصادر التي وصفتها الصحيفة بالرفيعة. وقال مشعل: "إنّ الحديث عن الكونفدرالية الآن قبل أن تقوم الدولة الفلسطينية هو حديث مرفوض، نحن مع قيام الدولة الفلسطينية أولاً على الأرض، بعد ذلك نتفاهم على كل العلاقات ذات الخصوصية التي تخدم مصلحة الأردن ومصلحة فلسطين".
وعلى الرغم من خطورة هذه الخطوة التي تعني اعتراف حماس بدولة يهود والتفريط بأرض فلسطين وأهلها لتلتحق بذلك حماس بركب منظمة التحرير، ولما تعني هذه الخطوة من انتهاك صريح وتعدّي على شرع الله الذي يحرم الاعتراف بكيان يهود أو التفريط بشبر واحد من أرض فلسطين، أو حتى مجرد التفاوض مع يهود. وكذلك خطورة هذه الخطوة التي تعني التنكر لتضحيات المسلمين وشهدائهم منذ الصحابة رضوان الله عليهم ولغاية اليوم والذين سالت دماؤهم الزكية دفاعا عن هذه الأرض المباركة، وغير ذلك من الأمور التي تجعل التفريط بشبر واحد من فلسطين والاعتراف بكيان يهود على متر مربع واحد من فلسطين خيانة لله ولرسوله وللمسلمين.
على الرغم من ذلك كله، والذي يستدعي أن يخرج مشعل في اللحظة الأولى من نشر الخبر ليسارع إلى نفي الخبر -إن لم يكن صحيحا-، وليتبرأ من كل ما جاء فيه من تنازلات وتفريط مخزي، بل وليؤكد على الثوابت الشرعية التي لا تقبل التفاوض أو الانتقاص.
بدلا من ذلك خرج عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق في تعليق كتبه على صفحته الشخصية في شبكة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، وليس في مؤتمر صحفي حافل، ليقول: "إننا في حركة حماس "نؤكد أننا لم نفوض الملك عبد الله الثاني بإبلاغ (الرئيس الأمريكي باراك) أوباما قبولنا بمبدأ حل الدولتين، وأن موقف الحركة ملتزم برؤية تستند إلى الثوابت الوطنية". بل إنّ يحيى موسى، القيادي في حركة حماس، لم ينف ما جاء على لسان مشعل واكتفى بالقول:" نحن لا نستقي أخبارا ولا نعلق على أخبار منقولة دون أن تورد المصدر". وهو ما يحتمل التأكيد والنفي في آن واحد.
فهل الأمر بسيط لهذه الدرجة حتى لا يستدعي خروج مشعل لنفي ما ورد عنه؟! وهل تأكيد الرشق بتمسك الحركة بالثوابت الوطنية يعني غير التلاعب بالألفاظ والعبارات؟! أليست هي الثوابت الوطنية نفسها التي يتحدث عنها عباس ويتغنى بها هو ومنظمة التحرير والتي من خلالها باعوا البلاد والعباد وما زالوا؟!
إنّ قضية مثل قضية فلسطين، بأهميتها ومحوريتها تستدعي أن يخرج مشعل وكل قادة الحركة ليؤكدوا على تمسكهم بالأحكام الشرعية التي تقضي بإسلامية أرض فلسطين وحرمة التفاوض أو الاعتراف بكيان يهود ولو للحظة واحدة، ولينفوا نفيا صريحا لا لبس فيه كل ما ينقل ويرد عن قبولهم بحل الدولتين والاعتراف بكيان يهود.
وبغير ذلك فإنّ الحركة تكون تسير على ما سارت فيه حركة فتح من قبل، شبرا بشبر وذراعا بذراع، وهو الخسران المبين في الدنيا حين تستعيد الأمة عزتها وسلطانها فلا ترحم كل من خانها، وفي الآخرة حيث غضب الله العظيم، ولن يسعفها محاولة التلاعب بالعبارات وتبادل الأدوار.
31/1/2013