نشرت الجزيرة نت خبراً ورد فيه (أكدت وثيقة منشورة على موقع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونرواما تردد مؤخرا من أن إدارتها في قطاع غزة الفلسطيني تعتزم تدريس المحرقة اليهودية ضمن مناهجها المخصصة لتدريس حقوق الإنسان للطلبة اللاجئين.(
وجاء في الوثيقة الصادرة باللغة الإنجليزية التي حملت عنوان "تعليم حقوق الإنسان في غزة" أن الوكالة تعتزم تعليم مبادئ حقوق الإنسان لنحو 200 ألف طالب مسجلين في مدارسها في قطاع غزة.
وحسب الوثيقة فإن الطلبة سيكون لهم المعرفة والفهم والالتزام بأسس منها "السياق التاريخي الذي أدى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو الحرب العالمية الثانية والمحرقة".)
 
*****
غريب شأن الكفار في تعاملهم مع المسلمين وفي حرصهم على بث سمومهم في عقول أبناء المسلمين وفي تلاعبهم بمناهج تعليم المسلمين، وأغرب منه حرصهم ودفاعهم المستميت عن المحرقة، ففي الوقت الذي تنص رواية المحرقة على أن اليهود قد تعرضوا للإبادة على يد الأوروبيين وفي الوقت الذي يدعم الأوروبيون فيه دولة يهود في بطشها بأهل فلسطين واغتصابها لأرضهم ويمدونها بأسباب القوة والحياة، يصر الطرفان على إقحام المسلمين في قضية لا ناقة لهم فيها ولا بعير، فالأوروبيون ويهود هم أطراف القضية ومنهم الجلاد ومنهم الضحية فلماذا يقحم المسلمون في هذه القضية؟! إذ لو كان أحد أطراف المحرقة هم المسلمون لكان مبرراً –جدلياً- أن يُفرض عليهم تعليم المحرقة لأبنائهم من أجل التكفير عن "ذنوبهم" وعدم تكرار ما حدث، ولكن ما الجدوى من تدريس المسلمين -ولا سيما في غزة حيث يرتكب اليهود ممارسات أشد مما مورس عليهم ومحارق أشد من محرقتهم المزعومة- قصة اختلف أهلها في ثبوتها ولا تحمل سوى رسالة الشفقة لجلادي هذا العصر ومجرميه "اليهود"، وتعطي المبرر لاغتصاب يهود أرض فلسطين، لا شك أنها عقلية الهيمنة والبلطجة وعقلية العلو والإفساد في الأرض.
وفي هذا الخبر دليل بيّنٌ على أن وكالة الأمم المتحدة بكل فروعها -مهما غلّفت أفعالها بالإنسانية وحقوق الإنسان- تبقى أداة بيد الدول الكبرى وعوناً لها في تنفيذ سياساتها وتحقيق أهدافها دقيقها وجليلها لا سيما في بلاد المسلمين، ولن ينطلي على عاقل أن الأموال التي تنفق على المسلمين المنكوبين -وإن كانت منهوبة من المسلمين ابتداءً- أن غرض إنفاقها هو الشفقة والرحمة والإنسانية الكاذبة، فلو كان هؤلاء صادقون في دعواهم لما أعطت هذه الوكالة الغطاء والشرعية لمحارق هذا العصر ولاحتلال بلدان المسلمين، فهذه المنظمة –بكل فروعها- ستبقى أداة للدول الغربية الكبرى توجهها حيثما تشاء ومتى تشاء، ولعل مثال السودان وتآمر المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وغيرها مع متمردي الجنوب وتوريدها الأسلحة لهم في صناديق المساعدات الإنسانية مثال على ما نقول، ولعل الجرائم التي ارتكبتها القوات الدولية في سبيرنتسا بتآمرها مع الصرب في إبادة المسلمين مثال آخر.
إن في قول الحق سبحانه الحسم والفصل عندما قال عز وجل مخبراً عن هدف وغرض إنفاق الأموال من الكافرين منذ أن بزغ فجر الإسلام إلى أن تقوم الساعة وعن مصير هذا الإنفاق ومآله عندما قال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)، وفي قوله سبحانه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) بيان لحقيقة قطعية وهي أن ملة الكفر واحدة، وفي قوله جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) توجيه للمسلمين ليقفوا موقفاً يرضي ربهم.
فهل أدرك المسلمون حقيقة هذه المؤسسات الدولية وحقيقة الكفار عموماً من كتاب ربهم ومن واقعهم؟
وهل يتبع المسلمون توجيه ربهم تجاه الكافرين فيمنعون الكفار من تنفيذ مآربهم الخبيثة أم يلجئون للتبرير والمراوغة والدعاوى الكاذبة للهروب من التقيد بأحكامه؟
30/9/2009