للمرة الثانية وخلال أقل من أسبوع يطفو على السطح موضوع لقاءات السلطة مع كيان يهود، رغم التصريحات النارية التي يطلقها رجال السلطة وكأنهم يملكون قرار أنفسهم بالقول: لا استئناف للمفاوضات بدون الاعتراف بالدولتين والاتفاقيات الموقعة.
هذه هي التصريحات التي نسمعها من عباس وبطانته في محاولة منهم لإيهام الناس بأنّهم أصحاب مواقف وأصحاب قرار، ولكن سرعان ما يرى النّاس أفعالهم فينفضح أمرهم ويظهر كذب إدعائهم.
فها هو وزير الاقتصاد الدكتور باسم خوري في حديث لوكالة معا يقول بأن اللقاء الذي جمعه يوم أمس بالوزير الإسرائيلي للتطوير الإقليمي سلفان شالوم في القدس لم يتطرق لأي موضوع سياسي بل بحث أموراً تقنية بحتة تتعلق بالأمور الحياتية للفلسطينيين في محاولة منه لتبريد لقائه الذي يتناقض مع تصريحات سلطته الممانعة للقاءات. ويكمل كلامه ليظهر أنّ السلطة صاحبة موقف "بأن اللقاء ليس له علاقة بالموقف الفلسطيني الواضح والصريح بشأن الملف السياسي والذي يجب أن يخضع لأمرين: أولا: وقف الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية، ثانيا: الاعتراف الإسرائيلي بإقامة دولتين".
ومن قبله الخبر الذي تناولته وسائل الإعلام أول أمس الذي نفى فيه عدد من المسئولين الفلسطينيين عقد اجتماع ثلاثي يضم كل من محمود عباس وبنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك اوباما نهاية الشهر الجاري على هامش اجتماع الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما أكد بيرس عقد مثل هذا اللقاء. ولا أظن أن أحد يتوقع أن يرفض عباس الاجتماع إذا ما دعاه أوباما أو نتنياهو حتى! بل أظنه سيركض لاهثاً وملبياً.
هذه هي حقيقة السلطة ورجالاتها، كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد، قدموا كل أشكال التنازل والولاء لدولة يهود حتى باتت السلطة لا تعدو ذراعا أمنيا لدولة يهود، وحارساً أمينا لمصالحهم، وطفلاً صغيراً تحت حضانة دولة يهود، ولا أدل على ذلك من الخبر أعلاه الذي جاء فيه كيف أن اتفاقية باريس التي يركض وراءها وزير الاقتصاد قد حددت "للإمبراطورية" الفلسطينية عدد كيلوات اللحوم التي يُسمح لهم باستيرادها، في الوقت الذي كذبت فيه السلطة على لسان المدير العام لاتحاد الجمعيات التعاونية للثروة الحيوانيةوادعت بأن غلاء أسعار اللحوم يعود إلى جشع التجار! مع أنّ السبب هو قلة العرض في الوقت الذي ارتفع فيه الطلب بسبب شهر رمضان وهو الأمر الطبيعي الذي يحدث في هكذا حالة، ولكن الأمر غير الطبيعي هو أن تكون "الدولة" لا تملك قراراً باستيراد النقص. تماما مثلما حملت السلطة في السابق الناس مسئولية نقص المياه في الصيف، وإذا بالأمر يعود جذوره إلى اتفاقية أوسلو "العتيدة" التي حددت عدد ليترات الماء المسموح بها للفلسطينيين والتي لا تلتزم بها "إسرائيل" حتى!. ولما فُضح أمر المياه عادت السلطة بعدها لتلوم "إسرائيل" وكفت عن لوم الناس.
هذه هي الاتفاقيات التي تفاخر بها السلطة وتطالب العالم بالضغط على يهود لتنفيذها، اتفاقيات أحصت على المسلمين أنفاسهم، ولم تبق لهم أرضا ولا كرامة!.
3-9-2009