تعليق صحفي
أيها الأخوة في حماس: هل يكون القائد عرابا لنظام مستبد بائد ؟
لم يكن صادما للكثيرين من المتابعين السياسيين انكشاف دور الوساطة لخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بين النظام السوري وجامعة الدول العربية، ولم يكن غريبا أن يظهر تناقض دوره مع ما صرّح به سابقا من عدم التدخل بالشأن السوري، ولكن ذلك الكشف الفاضح من المتوقع أن يكون صادما لكل مخلص في الحركة انضوى تحتها أو أيّدها لأجل مقاومة الاحتلال، لا لأجل مصالح الأنظمة العربية.
إن مشعل اليوم يُجاهر بدور عرّاب في ساحة الأنظمة الجبرية التي تثور ضدّها الأمة، وكأنه سفير لنظام طاغية الشام، بل هو أيضا ناصح لقاتل الأطفال، كما أفاد العربي أمين الجامعة العربية في مؤتمر صحافي مشترك مع مشعل إثر المحادثات التي أجراها الجانبان في القاهرة يوم أمس الجمعة، إذ قال "كان لمشعل دور كبير في تقديم النصيحة للجانب السوري للتوقيع على الوثيقة إلى أن بدأ عمل المراقبين في سوريا". وها هو مشعل يحاول إعطاء النظام السوري مزيدا من الفرص وخصوصا بعدما فُضح دور المراقبين العرب في سوريا وتأكّد فشلهم، حيث أكّد العربي أنه حمل مشعل رسالة للسلطات السورية.
إن مشعل اليوم وهو يسير في خدمة نظام بشار –طوعا أو كرها- يحكم على مسيرته السياسية بنفسه، بعدما ارتمى في أحضان نظام حكم كافر عميل لأمريكا آيل للسقوط تحت أرجل الثائرين في حمص وحلب والشام كلها، وهم يرفعون رايات التوحيد ويعلنونها: هي لله، بينما يعلن مشعل أنه "وسيط"، وهي وساطة مفضوحة بين الجلاد والضحية وبين القاتل المجرم وبين شعب قُتّل وشُرّد وظلم وانتُهكت أعراض حرائره.
وإن دعوى توازن الخطاب بين النظام والثائرين هي دعوى باطلة، ولا يصح لمسلم مخلص إلّا أن يتبرأ من النظام الكافر وينحاز للثائرين ضده وهم يصدعون "إن تنصروا الله ينصركم". إن الثائرين الأحرار يريدون إسقاط النظام بينما يريد مشعل الحفاظ عليه، مما يعني أنه منحاز ضدهم نحو بقاء النظام (ولو بدعوى إصلاحه الترقيعي!).
وفي الوقت الذي يضع فيه مشعل بيضه في سلة النظام السوري، يرى "أنه في ظل انسداد أفق التسوية، والتعنت الإسرائيلي..."، يريد توحيد مرجعية القرار الفلسطيني من خلال منظمة التحرير التي هي منظمة ضرار وجدت لتصفية القضية الفلسطينية، ولا يفكر أبدا أن الثورات المباركة ومنها ثورة الشام تفتح آفاقا واسعة للقضاء على دولة يهود. بل إنه يؤكد بطلان منطقه فيما يتعلق بالقضية إذ يريد "أن يعظم أوراق القوة" لإجبار "إسرائيل على الانسحاب"، بعدما أتقن منطق الحكام بالحديث عن انسحاب من خلال قوة الأوراق ولغة السياسة، لا عن القضاء على الكيان الباطل من خلال قوة الجيوش ولغة العسكر.
إننا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين لا يمكن أن نسكت عن منكرات المتسلّقين تحت شعار المقاومة وتحت غطاء قضية فلسطين، وهم يخدمون مصالح أنظمة جبرية تقف حرس حدود لكيان الاحتلال اليهودي، وتمنع جيوشها من التحرك الجهادي للقضاء على هذا الكيان، وإنها ساعة مكاشفة ومناصحة جادّة وحادّة.
ومن هنا نتوجه للأخوة في حماس أن يتبرؤوا من هذا العمل الباطل الذي يوصف بالخيانة للثورة السورية، ولا يغرنّكم معسول الكلام وتنميق الألفاظ، وتذكّروا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم حول مآثر الشام وبشائر الشام، وتذاكروا حديث الحكم الجبري وبشرى الخلافة على منهاج النبوة، لتستيقنوا أن عمل مشعل هذا هو تجديف ضد رياح البشائر النبوية، وهو ضمن محاولات إنقاذ حاكم جبري يجُرم بحق الأمة، بل وقد سبق أن ذبّح "إخواننا" من قبل في حماة، الذين تؤكدون أنكم من خلفهم. وهذه المحاولات اليائسة تحركها وتحرص عليها أمريكا، التي لم تتمكن من إيجاد نظام بديل يلتف على الثورة ويخطف نصرها، وهذا والله من الأعمال التي تسير في محاولات تعطيل نصر الله ووعده، ولا يمكن أن تخدم قضية تحرير فلسطين التي ترقب تحرّر الجيش السوري.
أيها الأخوة في حماس: إن المقاومة والاستبداد لا يجتمعان، وإن المجاهد في سبيل الله لا يمكن أن يكون عرّابا في سبيل الطاغوت، فانتبهوا وتنبّهوا قبل أن لات حين مناص، ولا يصح أن ينزل موقف المخلصين منكم عن مستوى الخروج إلى الشوارع معلنين التأييد التام لثورة الشام.
وإنها نصيحة تحت شعار جمعة ثورة الشام، فانصروا الله، وتبرؤا من نظامٍ عدوٍ الله، ولا تأخذنّ بعضكم العزة بالإثم، وإن بررتم اليوم لقياداتكم مواقف الخزي وإن غضبتم لأجل أشخاصهم، فكيف يمكن أن تُبرروا صمتكم أمام الله وكيف تنجون من غضبه يوم البعث والنشور؟
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ
وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"