سياسة فلسطينية عمياء ... وبطة أمريكية عرجاء !
ضمن مقابلة مع إذاعة وتلفزيون فلسطين ، تحدث رئيس السلطة الفلسطينية عن وجود خيارات مفتوحة إذا لم تنجح الرباعية في "وضع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على طاولة المفاوضات حتى 26 من شهر كانون ثاني الجاري"، واعتبر أن ذلك يعني أنها فشلت وسيكون للقيادة الفلسطينية بعد ذلك موقف تدرسه وتتصرف بناء عليه. وبينما نفى أن تكون "الانتفاضة الثالثة" من ضمن تلك الخيارات، طالب "الجانب الأميركي بأن لا يضيّع سنة 2012 في مسألة الانتخابات".
***
من المعلوم للمتابعين السياسيين أن أمريكا تدخل اليوم مرحلة "البطة العرجاء"، وهو اصطلاح سياسي أميركي يطلق على الرئيس في السنة الأخيرة من عهده، ويشير إلى حالة من الإفلاس السياسي، وأقلّه على صعيد المبادرات، حيث عادة ما يفتقر في سنة البطة العرجاء إلى الدعم السياسي اللازم لتمرير السياسات والتقدم بمشاريع محورية جديدة. بل إن الواقع الأمريكي يصل اليوم إلى وصف البطة الكسحاء فيما يتعلق بقضية فلسطين، حيث هنالك ملفات عالمية واقتصادية ضخمة أمام الإدارة الأمريكية، إضافة إلى واقع متفجر من الثورات.
ومن الواضح أن رئيس السلطة الفلسطينية لا يفقه هذا الواقع السياسي، أو يريد أن يخادع نفسه ويخدع الناس وهو ينفخ في رماد أو يصرخ في واد، وهو يؤكد السير على ما انتهجه الساسة الرسميون الفلسطينون –على اختلاف فصائلهم- من الجعجعة بلا طحن في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأنهم يصرون على حشرها ضمن ساحة العلاقات الدولية والعربية الرسمية، وعلى حجبها عن ساحة ثورة الأمة، وبالتالي فصلها عن طاقة الأمة، وأنى لقضية بحجم فلسطين أن تحل وتحرر البلاد بدون الأمة وجيوشها!
وإن رئيس السلطة الفلسطينية قد أكّد مرارا أن خياراته لا تخرج عن حدود لعبة المفاوضات، وكلما "هدد" بإعادة بحث تلك الخيارات عاد للتأكيد على أنها دندنة حول طريق المفاوضات، وهو يؤكد اليوم أن "الانتفاضة الثالثة" غير واردة، لأنها خروج على النص الأمريكي-الإسرائيلي، الذي وقعته القيادة الفلسطينية في خارطة الطريق، عندما قبلت بالدور الأمني واعتاشت منه قياداتها.
إن من لا يفقه الواقع لا يمكن أن يؤدي إلى تغييره، ومن لا يفقه خصائص الساحة الدولية وبرامج اللاعبين الكبار لا يمكن أن يؤثر على السياسة الدولية، وكيف به إذا كان رئيسا لما يشبه الجمعية غير الربحية التي تستجدي التمويل من اللاعبين الكبار لتحافظ على ديميومتها وعلى رواتب العاملين فيها كبارا وصغارا !
ومن المؤسف أن الفصائل الفلسطينية –وهي تتابع ملف ما تسميه المصالحة- تريد أن تشغل الناس اليوم بملفات ترتيب الشأن الداخلي من انتخابات تحت الاحتلال ومن إعادة هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في ظل جمود المشهد السياسي على حالة من الخنوع والشلل التام، بل وفي ظل سرقة القضية من أحضان الأمة التي تتفجر فيها ثورات تحررية من هيمنة الغرب ومن تجبر الحكام الذين نصبهم.
إن كشف هذا التضليل السياسي يؤكد لكل ذي بصيرة من المخلصين في فلسطين ومن أتباع الفصائل الفلسطينية أن القادة الرسميين يقومون بكل الأعمال إلا تلك التي تقود للتحرير الحقيقي، وهم يستمرون في سياسة عمياء مع رجاء من بطة عرجاء كسحاء.
3/1/2012