في الوقت الذي تغلي فيه الأمة ضد حكامها الذين أورثوها الذل والفقر والقهر، فتزيل حكاما وتصدّع عروش آخرين، ووسط دعوات الأمة، التي قد تلقى صدى حقيقيا، لجيوشها بالسير نحو فلسطين لتحريرها، وفي ظل فشل السلطة الفلسطينية السياسي جراء تبعيتها للإدارة الأمريكية وتعلقها بخيوطها العنكبوتية، وفي ظل صلف يهود واستمرار جرائمهم، يحاول أوباما أن يسوق الوهم المسمى "بعملية السلام" من جديد.
فقد حاول أوباما أن يسوق الوهم مرة أخرى عبر النفخ في الرماد ومحاولة إحياء جثة "عملية السلام" التي تحللت وفاح نتنها، فخرج أوبامابتصريح مضلل، عقب اجتماع له برئيس كيان يهود في البيت الأبيض، قائلاً: "إنه مع هبوب رياح التغيير في الشرق الأوسط فقد صار من الملح أكثر من أي وقت مضى إيجاد حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
إن هذه المحاولة، وإن كانت تأتي بذريعة التغيرات في المنطقة، تمثل محاولة مفضوحة من أمريكا من أجل احتواء هذه القضية التي بدأت تنافسها عليها دول أخرى، وتأتي في سياق محاولة أمريكا تهدئة المنطقة واحتواء الاحتقان في قضية فلسطين في ظل تهاوي الحكام وتصدّع الوجود الاستعماري في المنطقة.
إن أميركا والدول الاستعمارية الأخرى، تدرك أن التغيرات والثورات في المنطقة العربية قد تأتي بغير ما تشتهيه سفن حكامها وعملائها، سيما وأن الأمة لا زالت تنتفض وتغلي حتى في البلاد التي أزيح حكامها وأجريت فيها عمليات تجميل للنظام كما في مصر وتونس، فإن استمرار غليان الأمة ينذر أمريكا بالإطاحة بعملائها ويهيئ المنطقة للانعتاق من ربقة التبعية الاستعمارية على اختلافها إلى غير رجعة.
إن أهل فلسطين يدركون أن الامة وإن انشغلت بقلع حكامها، إلا أنها لم ولن تنسى قضية فلسطين التي ارتبط مسجدها الأقصى بعقيدتها، لذلك فان أمريكا تحاول أن تنزع فتيل الاحتقان تجاه ما يحدث في فلسطين، من قبل أن تصبح تطورات قضية فلسطين محركا جديدا لثورات جديدة.
وأمام هذه المبادرة الخبيثة التي سبقتها مبادرات انتهت بالعودة إلى الوراء وانفضاح نفاق أميركا وتعنت يهود، هل ستلقى هذه المبادرة دعم السلطة التي لا ترد يد لامس؟!.