خبر وتعليق: أيعقل أنّ محكمة خرجت من رحم الفساد ستحارب الفساد؟!!
التفاصيل
رام الله- معا- أعلن القاضي فريد الجلاد رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى الأربعاء الماضي، عن افتتاح محكمة جرائم الفساد في فلسطين، حضر الحفل د. سلام فياض رئيس مجلس الوزراء وشارك فيه د. حسن العوري المستشار القانوني للرئيس ممثله في حفل الافتتاح، ورفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد، والقاضي حسين عبيدات رئيس محكمة جرائم الفساد، وحضره الكثير من الشخصيات السياسية والقانونية.
وعبر العوري عن تصميم الرئيس على تفعيل عمل هيئة مكافحة الفساد لتقوم بدورها في مساءلة كل عمل يندرج تحت أفعال الفساد، وشدد الرئيس على أن يسري نطاق هذا التشريع على الجميع بما فيهم شخصه بصفته رئيسا.
*****
لا شك أنّ الفساد والمحسوبية والرشوة والواسطة من الأشياء البارزة الواضحة للعيان في السلطة الفلسطينية، كما أنّه لا شك أيضا أنّ كل ذلك ينعكس على الناس في حياتهم ومعاشهم وقوت يومهم، فهم يلمسونه لمس اليد ويرونه رأي العين.
ولكن هل السلطة التي ولدت من رحم أوسلو والتي تفرط بكل ما هو مقدس وغير مقدس، ويتجسد العار والصغار في كل حركة أو خطوة تقدم عليها هي أو أجهزتها الأمنية، هل يُعقل أنها تهتم لأمر الفساد الإداري والذي لا يزن مثقال ذرة مقارنة بفسادها السياسي والديني والأخلاقي والمبدئي؟! ومقارنة بتهاويها المدوي المخزي أمام الطلبات الأمريكية وأوامر يهود؟!
وهل يُعقل أنّ السلطة التي أتت بها أمريكا ويهود لتنفذ ما عجزت عنه آلتهم العسكرية، وخدامهم الآخرون من حكام العرب والمسلمين، يمكن أن يكون شكلها المطلوب هو الصالح الأبيض الشريف؟! فكيف يتأتى للصالح والشريف أن يخدم أغراض أعداء الأمة؟!!
فالغاية إذا من أكذوبة محاربة الفساد أمر آخر، لا سيما ونحن نتحدث عن أن محاربة الفساد تنفذ تحت أوامر ورعاية من رأسي الفساد، عباس وفياض. فإذا كان عباس وفياض اللذان لم يبقيا عاراً سياسياً أو اقتصاديا أو أخلاقياً او دينياً إلا ومارساه أو رعياه، فماذا بقي إذا وما المقصود من هذا الحدث؟
المقصود من هذه الخطوة هو التحايل على آلام الناس، وإيهامهم بأنّ مشكلتهم، أي الذل الذي يحيونه، إنما هو بسبب الفساد وليس بسبب التبعية والصغار ليهود وأمريكا.
فقد اعتادت الحكومات الفاسدة لتهدئة الغاضبين عليها أن تحتال على الناس بإلهائهم وإدخالهم في دوامة لا طائلة منها سوى الحركة اللولبية التي تنتهي في نفس المكان الذي بدأت منه.
كما أنّ السلطة تهدف من هذه الخطوة إلى أن تلهي الناس عن التفكير في أصل الداء ومكمنه، فلا تريد لهم أن يعيدوا البحث إلى أصله فيدركوا الكارثة، بل تريد لهم التيه والضياع في قشور المشكلة وبعض مظاهرها.
وفوق ذلك تهدف السلطة إلى دفع الناس إلى العيش والتفكير وكأنهم باتوا في دولة أو كادوا، وما عليهم إلا المساهمة في رفع شأنها وتوطيد أركانها.
وفي غضون ذلك هي تغازل "المانحين" وتستجيب لطلباتهم الهادفة إلى لعب دور أكبر في قضية فلسطين.
هذه هي بعض الأهداف الحقيقية من وراء هذه الخطوة، وليس الإصلاح والخير هدفهم، فلو كانوا يريدون خيرا أو إصلاحا لاحتكموا إلى شرع الله ودستوره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولكن أنى لهم أن يعيدوا الأمر إلى شرع الله، وشرع الله لا يجيز وجود السلطة القائمة على اتفاقيات باطلة من أساسها؟!!