قامت الأجهزة الأمنية لسلطة حماس مساء يوم الاثنين 12/7/2010 باحتلال موقع المهرجان الذي كان أعلن عنه حزب التحرير- فلسطين، وقامت بتفكيك التجهيزات والمنصة المعدة للمهرجان، وأبعدت شباب الحزب من المكان، ثم قامت في يوم الثلاثاء بمنع عقد المهرجان بالقوة وبطشت بشباب حزب التحرير فضربتهم شيباً وشباناً بالهراوات ضرباً مبرحاً، فأصابتهم إصابات مؤذية إحداها شج في الرأس، واعتقلت سبعة عشر، ثم أطلقت سراح ثلاثة منهم، ثم أعادت استدعاءهم، ولا يزال الجميع رهن الاعتقال حتى ساعة كتابة هذا التعليق.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها سلطة غزة لشباب حزب التحرير، فقد سبق أن تعرضت لهم واعتقلت عدداً كبيراً منهم لدى توزيع الحزب في 26/6/2009 نشرة تنتقد قبول سلطة حماس بدولة فلسطينية في حدود 1967.
لم يكن لاعتقال حكومة حماس شباب الحزب حينئذٍ مسوغ لا شرعي ولا قانوني (بحسب دستور السلطة الذي لم تعلن حماس التخلي عنه بعد انفرادها بحكم غزة)، ولا عقلي، ولا غيره، فالحزب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويمارس العمل السياسي الفكري، ولا يقوم بالعمل المادي ولا يحمل السلاح، ولا يطمع في الاستيلاء على السلطة في القطاع، ولا في الضفة، وموقفه معروف على رؤوس الأشهاد بأنه يحرم أخذ السلطة أو المشاركة فيها في ظل الاحتلال، ولا ينافس الحزب حماس ولا غيرها في الانتخابات، لأنه يرى أن الانتخابات التي تجري في فلسطين سقفها أوسلو وأرضها رضا اليهود، فهي حرام شرعاً.
ومع كل ذلك، فقد كان يمكن للمراقب أن يقول غضبت سلطة حماس لنفسها فلم تحتمل مرارة الحقيقة التي بينها الحزب في نشرته تلك، فكانت ردة فعلها التي تنتهك أحكام الإسلام في ترويع المسلمين والاعتداء عليهم، وإيذائهم. نقول كان يمكن للمراقب أن يصف تصرف سلطة حماس ذاك بالنزق والطيش وتجاهل الأحكام الشرعية المتعلقة بحرمة المسلم، في سبيل الانتصار لذاتها وإعراضها عن سماع الحق من أنها تسير على خطى فتح في الزحف التدريجي نحو المواقف التي يطلبها الكفار.
أما اليوم فقد بطشت بشباب الحزب، وسجنتهم ومنعت مهرجانهم، منعتهم من رفع الصوت المخلص الصادع بالحق ينادي أمة الإسلام وجيوشها لتعمل من أجل إعادة الإسلام إلى الحياة بإقامة الخلافة بطريق المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلماذا؟!
لا نجد لسلطة حماس سبباً شرعياً يسوغ لها ما قامت به من اعتداء على شباب حزب التحرير ولا منعها لمهرجان الحزب في غزة، فإن محاربة دعوة الإسلام هي من شيم الكفار وأعوانهم، وليست من شيم الحركات الإسلامية.
إن الظروف التي اكتنفت منع سلطة حماس للمهرجان وبطشها بشباب الحزب، تثير أسئلة كثيرة ومؤلمة، وهي أسئلة تلح في طلب الجواب.
لقد استمعنا يوم 11/7/2010 إلى اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية عن حزب التحرير ما نصه (...حزب التحرير هو حزب محظور في كل العالم حتى في إمارة حماس في غزة ...)،
"استمع لقول الضميري"
وظننا حينها أن الضميري قد بالغ في الكلام وكذب على سلطة حماس من فرط غضبه وشدة الحرج الذي وقع فيه، حين يدافع عن قضية خاسرة هي قضية المنع التعسفي لنشاطات الحزب.
لقد اختلف تعامل سلطة حماس مع التحضيرات للمؤتمر في اليوم التالي لتصريح الضميري، فهو تحدث يوم 11/7/2010 وبدأت إجراءات سلطة حماس ضد مهرجان الحزب في الليل من يوم 12/7/2010.
فقبل تصريح الضميري كانت بعض يافطات الدعوة إلى المهرجان معلقة في بعض شوارع القطاع، وكانت الاستعدادات تجري على قدم وساق على أرض المقوسي، بل إن بعض أفراد الأجهزة الأمنية في القطاع تعاونوا مع شباب الحزب في تعليق اليافطات. ثم انقلب الأمر انقلاباً فجائياً.
لقد كانت الإجراءات القانونية التي قام بها الحزب هذا العام هي نفسها التي قام بها في العام الماضي، وهي تتلخص في تقديم إشعار إلى الجهات المختصة بزمان النشاط ومكانه وطبيعته.
فما الذي اختلف، وما الجديد ؟
إن تسلسل الأحداث ينطق بتفسير لما حصل، وتفسير لتصريح الضميري الذي سبق به إجراءات سلطة حماس على الأرض، ونحن لا نريد ولا نحب أن نقتنع بهذا التفسير الذي يملي نفسه بقوة على عقل أي متابع للأحداث.
إن المطلوب من سلطة حماس أن تفسر ما جرى للمسلمين في فلسطين وخارج فلسطين، ومنهم شبابها الأتقياء الأنقياء، وأن تجيب عن أسئلة كثيرة تلح في طلب الجواب، وهذا بعضها:
1- هل الضميري يعلم الغيب، أم كيف عرف بمنع المؤتمر، بينما لم يكن شيء على الأرض يدل على المنع، بل على العكس كانت الأمور على الأرض تدل على رضا، وتدل أحياناً على التعاون من أفراد الأجهزة الأمنية في غزة.
2- هل سلطة حماس ضد الخلافة والعمل لها.
3- هل تعتبر سلطة حماس العمل للخلافة عملاً ضدها فتحاربه، وكيف ذلك؟
4- ما الذي اختلف هذا العام، وهل هذا الاختلاف مهما زوقته سلطة حماس، يقتضي ظلم واضطهاد العاملين للخلافة معقد أمل الأمة.
5- سلطة رام الله يحركها أعداء الأمة من أمريكان وأوروبيين وروس، ويهود، وغيرهم لتتحرك ضد حزب التحرير، وضد العمل للخلافة، فما الذي يحرك حماس لتحاكي خطوات سلطة رام الله الآثمة، ضد الحزب وشبابه.
6- علمنا خلال الساعات التي سبقت موعد المهرجان، ولدى تدخل بعض الحريصين المقربين من سلطة حماس أن الحكومة منعقدة لدراسة موضوع المهرجان، فهل هذه الأخبار صحيحة، وهل فعلا اتخذ القرار بمنع المؤتمر على أعلى المستويات في سلطة حماس، أم اتخذه مسئول في أحد الأجهزة على عاتقه، وعليه يكون هذا خطأ استثنائياً، فإن كان فما الذي يضمن عدم تكراره في المستقبل، أما إن كان اتخذ على أعلى المستويات – ولا نحب أن نظن هذا - فإنا لله وإنا إليه راجعون.
14/07/2010