تحت عنوان "عريقات: أحد خياراتنا التخلي عن متابعة حل الدولتين والعمل بدلاً منه لقيام دولة ثنائية القومية على أرض فلسطين التاريخية" نقلت جريدة القدس في موقعها الالكتروني عن صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" مضمون مقابلة أجراها صائب عريقات مع الصحيفة تمت الإشارة فيها إلى وثيقة قام بإعدادها "كبير المفاوضين الفلسطينيين"، ومن أهم ما تم التطرق إليه من محتويات الوثيقة هو الكلام عن الأساليب البديلة أو "المقاومة اللاعنفية" وذلك للركود المستمر في عمليه السلام في الشرق الأوسط.
فقد جاء في الصحيفة "ومن بين هذه الأساليب وقف التعاون الأمني مع إسرائيل في حال عدم استئناف المفاوضات. وهذا سيعني حل قوى الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي قام بتدريبها المنسق الأميركي الأمني في المنطقة، الجنرال كيث دايتون، ما قد يعزز دور حركة "حماس" في الحفاظ على النظام في الضفة الغربية."
وتثير الوثيقة أيضا إمكانية الإعلان عن إلغاء اتفاقيات أوسلو وحتى عن حل السلطة الفلسطينية. وتنص الوثيقة على أنّ الفوضى التي قد تنجم عن مثل هذه الخطوة ستجبر إسرائيل على إعادة فرض سيطرتها العسكرية على كامل الضفة الغربية.
والخيار الثالث الذي تقترحه الوثيقة -وربما الأكثر إثارة للقلق من وجهة النظر "الإسرائيلية"- هو التخلي عن متابعة حل الدولتين مع "إسرائيل" والعمل بدلاً من ذلك باتجاه دولة ثنائية القومية تقام على جميع أراضي فلسطين التاريخية.
***********
أخيراً تكلمت السلطة في ظل فشل ما يسمونه بالسلام عن بدائلها بشيء من التفصيل بعد أن كانت لا تذكر من الأمر إلا شيئاً واحداً، وهو أن البديل لن يكون العودة "للعنف" على حد تعبيرهم، ولكنها الآن وعلى لسان كبير مفاوضيها تتكلم عن خيارات أكثر تفصيلاً، فهي تتهدد "إسرائيل" بوقف التنسيق الأمني، وحل الأجهزة الأمنية التي قام دايتون بتدريبها، وبلغة أخرى فهي تقول أنّها ستتوقف عن العمل لخدمة أمن "إسرائيل" وسيتم حل الأجهزة الأمنية التي تقوم بتلك المهمة نيابة عن كيان يهود، مما سيضطرهم إلى العودة لممارستها بأنفسهم وتحمل أعبائها، أصالة لا وكالة،ثم إن كبير المفاوضين لا يتطرق إلى قطع التعاون الأمني توبة إلى الله ورجوعاً إلى الحق؛ بل إصراراً على جريمة أخرى وهي استجداء الذين ضُرِبت عليهم الذلة أين ما ثقفوا والرجوع إلى مفاوضات خيانية أسلمت أجزاء كبيرة من فلسطين إلى يهود.  
وهي تتهدد "إسرائيل" كذلك بإلغاء اتفاق أوسلو وحل السلطة الفلسطينية، أي بفرط ما روجوا على أنّه انجاز الشعب الفلسطيني طوال سنوات.
والمعنى الواضح هنا بالمنطوق وبالمفهوم، الذي يُراد توصيله بأنّ وجود السلطة وبقاءها هو لمصلحة "إسرائيل" أكثر مما هو مصلحة للشعب الفلسطيني، وذلك عندما تحاول السلطة لي ذراع "إسرائيل" بالتهديد بحل نفسها.
وأما خيار وثيقة كبير مفاوضي السلطة الثالث فهو العمل لقيام دولة ثنائية القومية، وبهذا تكون الوثيقة أحدث الدعوات لتطبيق وعد بلفور، ولكن هذه المرة ممن يدعون أنّهم قيادات الشعب الفلسطيني، أو هي دعوة لإنشاء دولة إسراطين التي قال بها القذافي يوما، إذ أنّ إعطاء يهود وطناً قومياً ليعيشوا فيه في دولة يكونون إحدى قوميتيها هو ما تضمنه وعد بلفور، وما تتضمنه وثيقة السلطة بصياغة صائب عريقات هي ذلك الوعد بعينه، أي أن يصبح أهل فلسطين ويهود كياناً واحداً يكون الأمر والسلطان فيه طبيعياً للقومية المتفوقة بحكم الواقع أي ليهود، مع فارق أنّ "دولة صائب عريقات" تلك ستضمن اندماج سرطان يهود في جسم الأمة طبيعيا.
طبعا الكل يدرك أنّ هذه الخيارات افتراضيه عند السلطة، فالسلطة لا خيار لها في شيء، فصائب وقيادات السلطة موظفون لدى أمريكا وأوروبا، ولا يملكون أن يكونوا أكثر من ذلك، وسلطتهم تلك ليس هم من أنشأها، ولا هم من يملك أسباب بقائها، ولا مفاتيح حلها وتفكيكها.
لقد آن الأوان لإرجاع العلاقة لأصلها، علاقة طبيعية لا تطبيعية بين الأمة الإسلامية ومنها أهل فلسطين وبين كيان يهود الغاصب، وهي العلاقة مع الكافر المحتل، وذلك ريثما يستكمل مشروع الأمة بإقامة دولتها، لا نسخة صائب من دولة إسراطين، بل دولة الخلافة التي ستسير بالجيوش زحفا لتحرير فلسطين، نسأل الله أن تسطع شمسها قريباً بعد أن باتت تلوح بشائرها في الأفق.
28-2-2010