قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع الرئيس
التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة أنقرة مساء الثلاثاء "لن نقبل باستمرار الممارسات العدوانية
لسلطات الاحتلال ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، وأن تحقيق الأمن والسلام يبدأ بالتوقف الكامل عن
تقويض حل الدولتين من قبل سلطات الاحتلال، مشيراً إلى أن القيادة الفلسطينية ستتوجه لمجلس الأمن
ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل الإسراع لحماية حل الدولتين، وأنه لا بد من وقف
جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة والتوقف عن الاستيطان
الإسرائيلي وأكد على التمسك بالمقاومة الشعبية السلمية، ورفض العنف والإرهاب في منطقتنا والعالم".
وأعرب عباس عن بالغ "التقدير لمواقف الرئيس أردوغان الثابتة إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل
حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، فضلاً عن الحرص على الوحدة الوطنية الفلسطينية".
يتنقل رئيس السلطة من برلين إلى أنقرة للتأكيد على خطورة ضياع حل الدولتين وإطلاق الصرخات
والتأكيد على ضرورة حفظ ما تبقى من المشروع الذي بات في حالة موت سريري في ظل ما يفرضه
كيان يهود على الأرض من وقائع طمعاً من الكيان في ابتلاع ذلك الجزء الصغير من الأرض المباركة
الذي "تَفضل" به مشروع الدولتين لأهل فلسطين! وعباس بهذه التحركات يحاول حماية المشروع
الأمريكي الخبيث لتصفية القضية بشكل يحفظ أمن كيان يهود وينهي الصراع في المنطقة، وذلك بدل
أن يجعل من تنكب كيان يهود عن إعطاء الفتات نقطة للتراجع عن خيانة التفاوض والتفريط! ولكن أنى
له ذلك وهو والمنظمة أدوات في يد أمريكا لتنفيذ مشاريعها؟!
إن عباس لم يتعلم الدرس من إذلاله في ألمانيا على كلمة تفوه بها فأزعجت كيان يهود، ولم يدرك أن
قيمته عند الغرب تقاس بذلك الموقف، وهو يتجاهل الصفعات الأمريكية المتتابعة إرضاءً لكيان يهود
ولطمات أوروبا له تملقاً لكيان يهود، فلا زال يتحدث عن المؤسسات والمنظمات والمجالس الدولية
وكأنها المخلّص ويتجاهل أنها أس الداء وأنها هي التي أوجدت هذا الكيان وأضفت عليه الشرعية
وسكتت على مجازره طيلة عقود مضت، فهل هناك عاقل يرجو من تلك المؤسسات إنصافاً؟! إن
التوجه لتلك المؤسسات هو إمعان في الخيانة والتفريط وهو هذيان سياسي وذل ما بعده ذل، فقضية
فلسطين هي قضية أرض إسلامية تمتلكها أمة إسلامية، وما وجدت تلك المؤسسات إلا لإسقاط دولتها
وتقسيم بلادها وتقاسم ثرواتها والنفوذ على شعوبها والحفاظ على كيان يهود ذلك الخنجر الثمين للغرب
والمغروس في خاصرة الأمة.
إن رئيس السلطة، فوق مواقفه السياسية التي كلها تفريط وتنازل، قد جعل من نفسه بتلبية دعوة
أردوغان له مطية للتغطية على جريمة التطبيع التركية وإعادة السفراء مع كيان يهود، فأراد أردوغان
بسياسته المتلونة "كومبرسا" للتغطية على فعلته الشنيعة، ليظهر بمظهر الحريص فهو في اللحظة التي
يعيد فيها السفراء ويعمق التطبيع مع المحتلين فهو يستقبل رئيس السلطة حرصاً على القضية وأهلها!!
إن أردوغان وعباس في الخيانة سواء، وإن كانت خيانة أردوغان أعظم كونه يمتلك من القوة ما تمكنه
من تحرير فلسطين وإعادتها إلى حضن الأمة الإسلامية، ولكنه يستبدل ذلك الخيار بالمطالبة بمشروع
الدولتين والتطبيع مع كيان يهود ويريد من رئيس السلطة أن يغطي تلك الخيانة، وهو ما فعله عباس
بكيل المديح الكاذب لأردوغان!!
إن قضية فلسطين لن يحفظها عباس المفرط ولن يعيدها أردوغان المتآمر، وإنما تحفظها الأمة وتعيدها
قيادة مخلصة واعية تتخذ من رضوان الله غاية لها فتقود الجيوش لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى،
وذلك ما بشر به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ،
فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ» صحيح مسلم، وإن ذلك اليوم بات قريبا، قال تعالى (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَنْ
يَكُونَ قَرِيبًا).
٢٤-٨-٢٠٢٢