تعليق صحفي
ككل عام، عباس يخض الماء في القربة ويعلن تشبثه بالحلول الاستعمارية!
قال رئيس السلطة الفلسطينية في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة 76، اليوم الجمعة "لقدْ ناضلتُ طوالَ حياتي من أجلِ صنعِ السلام، واتْبعتُ الطرقَ السلميةَ والقانونيةَ والدبلوماسيةَ والعملَ في المحافلِ الدولية. مددْنا أيدينا مراراً للسلامِ، ولا نجدْ شريكاً في إسرائيل يؤمنُ ويقبلُ بحلِ الدولتين."
وقال "إنَّ أمامَ سلطاتِ الاحتلالِ الإسرائيليِ عامٌ واحدٌ لتنسحبَ من الأراضيِ الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ العام 1967، بما فيها القدسُ الشرقية، ونحنُ على استعدادٍ للعملِ خلالَ هذا العامِ على ترسيمِ الحدودِ وإنهاءِ جميعِ قضايا الوضعِ النهائيِ تحتَ رعايةِ اللجنةِ الرباعيةِ الدولية، وفقَ قراراتِ الشرعية الدولية، وفي حالِ عدمِ تحقيق ذلِك، فلماذا يبقى الاعترافُ بإسرائيل قائماً على أساسِ حدودِ العامِ 1967؟ لماذا يبقى هذا الاعتراف؟"، وقال عباس "سنتوجهُ إلى محكمةِ العدلِ الدولية، باعتبارِها الهيئةَ الأعلى في القضاءِ الدولي، لاتخاذِ قرارٍ حول شرعيةِ وجودِ الاحتلالِ على أرضِ دولةِ فلسطين".
وقال: "سنستمر في العمل على الانضمام للمنظمات الدولية، وما تبقى فيها وهي أكثر من 500 من المنظمات المعروفة في الهيئات الدولية."
كما جدد التأكيدَ للمجتمعِ الدوليِ بأننا مُلتزمونَ بالعملِ السياسيِ والحوارِ طريقاً لتحقيقِ السلام، وتكريسِ المقاومةِ الشعبيةِ السلمية، ومكافحةِ الإرهابِ بكلِ أشكالهِ ومصادرهِ في منطقتِنا والعالم.
ودعا عباس الأمينَ العام للأممِ المتحدةِ، للعملِ بقراراتِ الأممِ المتحدةِ الخاصةِ بالحمايةِ، وآخرُها القرارُ الصادرُ عن الجمعيةِ العامةِ، في جلستِها الاستثنائيةِ الطارئةِ، في يونيو 2018، تحتَ صيغةِ "متحدونَ من أجلِ السلم"، لوضعِ ما يلزُم لتشكيلِ آليةٍ دوليةٍ للحماية، كما وردَ في تقريرِه الصادرِ في أغسطس 2018 لتفعيلِ هذه الآليةِ على حدودِ الأرضِ الفلسطينيةِ المحتلةِ في العام 1967، بما فيها القدسُ، لتوفيرِ الحمايةِ الدولية.وبالتوازي مع تأمينِ آليةِ الحمايةِ الدولية، ووِفقَ ما جاءَ في نفسِ القرارِ أعلاه، أطالبُ الأمينَ العامَ بالدعوةِ لمؤتمرٍ دوليٍ للسلام، وِفقَ المرجعياتِ الدوليةِ المعتمدة، وقراراتِ الأممِ المتحدة، ومبادرةِ السلامِ العربيةِ وتحت رعايةِ الرباعيةِ الدولية، فقط وليس غيرها.
وللتعليق على مجمل هذا الخطاب نذكر الأمور التالية:
1. إن خطابات رئيس السلطة هي خطابات مكررة وأصبح واضحا للعيان أنها أشبه بخض الماء في القربة فلا ينتج عنها غير الزبد، وليس بعيدا عنا عنترياته التي هدد فيها كيان يهود بسحب اعتراف المنظمة بكيانهم قبل سنوات والتي ذهبت أدراج الرياح فلم يعد لها أثر ولا عين.
2. إن موقف المنظمة لا يمكن أن يتجاوز السقف المرسوم لها، والقائم على الحفاظ على أمن كيان يهود والعمل على تصفية قضية فلسطين وفق المقررات الاستعمارية المسماة بقرارات الشرعة الدولية، وللمتابع أن يدرك ذلك بتمعنه في بدائل عباس في حال عدم انسحاب يهود من الأراضي المحتلة عام 67، فهي بدائل أقبح من سابقاتها، فهي تنحصر في أروقة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والتفكير على خجل بسحب اعتراف المنظمة بهذا الكيان الغاصب، وكأن هذه الخيارات الفاشلة ستلقي في قلوب المحتلين الرعب؟! أو كأن السلطة والمنظمة قادرة على اتخاذ أية خطوات دون ضوء أخضر من أسيادها الأمريكان والأوروبيين؟!
3. إن مبادرة عباس لا تقل جرما وخيانة عن اتفاقية أوسلو، فهي عرض بتصفية ما تبقى من القضية في غضون عام، تحت اشراف ألد أعداء أهل فلسطين والمسلمين! وأهل فلسطين قد خبروا عدوهم جيدا، على خلاف السلطة والمنظمة المرتمية في أحضانهم، ويدركون أن هذا العرض هو لاستكمال تضييع فلسطين، ويدركون على أرض الواقع أن لا قيمة لأية اتفاقيات مع عدو لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة، بل إن اتفاقية أوسلو المشؤومة قد جرّأت المحتلين على أهل فلسطين، وجعلت من أبنائهم المنتسبين لهذه السلطة حراساً على أمن المحتلين وكيانهم!
4. إن دعوة عباس لتوفير حماية دولية لأهل فلسطين هي دعوة لتغيير جلد الاحتلال ووجهه القبيح، فالقوات الدولية هي احتلال جديد لن يقل بطشه عن بطش يهود، وما حدث في البوسنة والهرسك وغيرها شاهد حي على ذلك.
5. إن تأكيد عباس على تمسكه بالحل السلمي رغم فشله، وتأكيده على ما أسماه بمحاربة الإرهاب في المنطقة وفلسطين، هو تمسك بالخيانة وتجريم للعمل المسلح ضد المحتل، وإعلان صريح بمعاداة سلطته للإسلام تحت اسم مكافحة الإرهاب.
6. إن سعي عباس للانضمام للمؤسسات الدولية هدفه تركيع أهل فلسطين وإلحاقهم بالمستعمرين وإخضاعهم للقيم الغربية، ولقد شاهد الناس ما آلت إليه الأوضاع عقب انضمام السلطة لاتفاقية سيداو، وسعيها لإفساد أهل فلسطين وتجريدهم من قيمهم الإسلامية ليتأتى لكيان يهود الإطباق عليهم، وليتأتى للأمريكان والأوروبيين تمرير مشاريعهم في فلسطين، فمن لا يتشبث بدينه وعرضه لن يتشبث بالأقصى ولا بالأرض المباركة.
7. إن فلسطين لن يحررها من يطرب على أغاني المحتلين، ولا من يتعاطف معهم فيحزن لحزنهم ويسوؤه ما يسوؤهم بل ويكفر من يكفرهم، ويقمع شعبه ويقتلهم بالعتلات، بل يحررها قادة لا يعلنون الولاء إلا لله ولا يخضعون لمشاريع المستعمرين وقراراتهم بل يطبقون قول الله سبحانه (وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ)، قادة يقتفون أثر الفاروق وصلاح الدين، فيدخلون الأقصى محررين مهللين مكبرين بعد أن يكونوا قد قطعوا دابر المحتلين. (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَرِيبًا)
24-9-2021