في مغالطة لا تخفى على من يعيش في فلسطين أو حتى وطئت قدماه ترابها لفترة وجيزة، ادّعى المفوض السياسي العام للسلطة عدنان الضميري في لقائه أعضاء لجنة العلاقات العامة للأجهزة الأمنية في محافظة رام الله والبيرة، أن المواطن شريك للمؤسسة الأمنية في تطبيق القانون، كما أن الأخيرة شريكة للمواطن في التنمية تكريسا لشعار (شركاء في الأمن شركاء في التنمية).
ووفق وكالة وفا فقد قال الضميري: "إن المؤسسة الأمنية الفلسطينية تتطور باضطراد، وتواكب التطور الشامل الذي حققته السلطة الوطنية في كافة المجالات، وأنها حققت انجازات كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بفضل ما تلاقيه من اهتمام القيادة السياسية والعسكرية."
الغريب أن من يتابع حديث الضميري وبعض المتنفذين في السلطة يهيم في الأوهام والفرضيات ويظن بأن هؤلاء يتحدثون عن دولة تمتلك كافة المقومات والمؤهلات المطلوبة لإمبراطورية عظمى، ولكن المرء سرعان ما ينفجر أمامه الواقع بمرارته ومعاناته ومآسيه مما يلاقيه المواطن الفلسطيني من سلطة جثمت على صدره وألبسته لباس الخوف والجوع.
فالضميري يتحدث عن تطور السلطة وإنجازاتها في كافة المجالات مستخفاً بالسامع والقارئ هائماً به في بحر من الفرضيات الخاطئة بل والمختلقة، فعن أي إنجازات يتحدث الضميري والسلطة لا تعدو وكالة أمنية لكيان يهود وكادت أن تشابه شركة بلاك ووتر؟! إلا إذا كان حديثه عن مدى القمع والبطش وملاحقة الناس في أرزاقهم وأقواتهم وجباية الضرائب منهم وطردهم من الوظائف العمومية لمجرد انتماءاتهم السياسية، فالسلطة في هذا المجال حققت الشيء الكثير! فسجون السلطة باتت مضرب مثل في سوء المعاملة واستخدام البطش والتعذيب المفضي إلى الموت، حتى بات المواطن الفلسطيني يفضل السجن لدى الاحتلال على السجن لدى أبناء جلدته، وسجل السلطة لدى "هيومن رايتس ووتش" لا يخفى على أحد بل إن الواقع المرير الذي يصطلي أهل فلسطين ويكتوون بنيرانه شاهد صارخ على ذلك، وملاحقة السلطة للتجار وأصحاب الشركات واستخدام التهديد بالاعتقال وحجز البطاقات الشخصية والمطاردة التي تقوم بها الضابطة الجمركية إنجاز "باهر!!" يضاف لسجل السلطة وإنجازاتها!!، واختباء رجال الأجهزة الأمنية في مقراتهم حال دخول جيب عسكري ليبطش بأهل قرية أو بلدة أو مدينة وعدم إقدامهم على حماية أمن المواطن من جيش الاحتلال كما حدث في بورين وشعفاط ويحدث يوميا في حملات الاعتقالات التي يقوم بها الاحتلال في كافة مدن وقرى الضفة إنجاز آخر!!
إن السلطة باتت في وضح النهار ذراعاً أمنياً ليهود، وهي لا تتقن سوى هذا الدور، بل إن وظيفتها هذه هي محل اهتمامها وانشغالها وتفاخرها، فالسلطة لا يخرج تفكيرها عن البطش والملاحقة والاعتقال، لذا فهي تعد العدة لذلك وتعقد المحاضرات والمؤتمرات لتملي على الأجهزة كيفية تنفيذهم للأوامر، فهي قد عقدت مؤخراً ورشة عمل في جنين حول صلاحيات رجال الأمن أثناء المداهمات، ولكنها لم تفكر يوماً بعقد ورشة في كيفية التصدي لقوات الاحتلال التي تداهم مدن وقرى الضفة صباح مساء، فربما هذا خارج صلاحياتها! أو ربما لا تصنفه السلطة كمهمة أمنية فهو ليس من مسئولياتها؟!! ورئيسها يتفاخر بوقف التحريض داخل المساجد وخارجها ضد يهود في الوقت الذي يهدد يهود ويتوعدون أهل غزة بالقتل والمجازر وهم ماضون في حصارهم وقصفهم بصورة متقطعة يومياً.
إن الشرطة أو أجهزة الأمن على اختلاف مسمياتها وألقابها المتعددة والمختلفة الخارجية منها والداخلية في أية دولة كانت، يحتل أمن المواطن وحمايته من كل اعتداء خارجي ومن كل محتل أو مستعمر سلم أولوياتها، وهي إن فقدت القدرة أو عجزت عن تحقيق ذلك عار عليها أن تبقى في زيها الأمني فكيف بها لو أصبحت أداة لحماية أعداء شعبها وتنفيذ مهامه الأمنية القذرة؟!! إنه عار الدنيا وخزي الآخرة لو كانوا يعقلون.