تعليق صحفي

منظمة التحرير صنيعة حكام العرب بإرادة ورعاية غربية،

ولا تملك حق تمثيل أهل فلسطين أو تفويض من يمثلهم!

  بدا رئيس السلطة محمود عباس في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وكأنه صاحب قرار ويمكن أن يجدف عكس تيار الإرادة الدولية فيما يتعلق بقضية فلسطين، والتي تقودها أمريكا بعنجهية وغطرسة، بينما يدرك أنه لا يملك الخروج عن مقررات الإرادة الدولية قيد شعرة، وهذا ما أكده من خلال إعلانه التمسك بالقرارات الدولية المتعلقة بالقضية! وبينما أعطى عباس لنفسه ولمنظمة التحرير الحق في منح أو منع صفة تمثيل أهل فلسطين وقضية فلسطين لأي طرف من الأطراف، نسي أو تناسى أن منظمة التحرير لم تكن يوماً ممثلا حقيقيا لأهل فلسطين ولا تملك حق التصرف بقضية فلسطين، وإنما كما اغتصب يهود الأرض، اغتصبت منظمة التحرير الحق في تمثيل القضية وأعطت لنفسها تفويضاً بالتنازل عن أكثر من 80% منها!

أليست منظمة التحرير التي يقودها اليوم محمود عباس قد تأسست في وكر الخيانة المسمى بالجامعة العربية، وبإرادة غربية تمثلت بجهود النظام المصري برئاسة جمال عبد الناصر آنذاك؟! وما صفة الممثل الشرعي والوحيد لأهل فلسطين التي مُنحت للمنظمة إلا لفتح الطريق أمامها لإنجاز خطة التنازل والتفريط بفلسطين، ورفع مسؤولية العرب عنها بعد أن سُلخت القضية عن بُعدها الإسلامي من قبل لذات الهدف؟!

أليست منظمة التحرير التي شرعنت التفريط بفلسطين باعتبار فلسطين فقط ما احتل في الرابع من حزيران عام 1967، ما يعني إعطاء الحق لكيان يهود في الوجود على أكثر من ثلثي أرض فلسطين، وهو ما تم بالفعل عبر تبادل الاعتراف بين كيان يهود ومنظمة التحرير في اتفاق الخزي والعار اتفاق أوسلو المشؤوم سنة 1993 الذي هندسته يدا عباس الآثمتين، وبات كيان يهود آمناً مطمئناً بحراسة السلطة برئاسة عباس، وتقوم عقيدة قواتها الأمنية على تقديس التنسيق الأمني مع يهود، ومحاربة أهل فلسطين، وكل ما يمكن أن يزيد من ثباتهم ويعزز صمودهم في الأرض المباركة أمنياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً؟!

ورغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً من الفشل والإخفاق في تحقيق ما يسمى بالمشروع الوطني، ورغم كل صفعات الإهانة والذل الذي تتلقاها سلطة أوسلو ورجالاتها على يد يهود ومن وراءهم من القوى الدولية إلا أن ذلك لم يمنع رئيس السلطة من المفاخرة بأنه كرس حياته لتحقيق السلام (الاستسلام)، ولم تمنعه التجربة المريرة من التفاوض مع يهود دون أن يحصل على شيء يذكر من إعلان تمسكه بالمفاوضات كخيار استراتيجي، وحل أوحد في العلاقة مع يهود، كما لم يمنعه انحياز القوى العالمية – مجتمعة أو متفرقة – الواضح والصارخ ليهود من مطالبتهم برعاية السلام من خلال عقد مؤتمر دولي مطلع العام القادم، وكأن مدريد وغيرها ليست دروساً كافية!

إن هذا الخطاب من رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير لم يقدم أي جديد تجاه قضية فلسطين، وعلى العكس فقد أكد على تمسكه بدوره، وأداء واجبه في تصفية القضية، واستعداده لتكرار تجربة بل تجارب من الفشل بعضها فوق بعض، تجارب لم تزد القضية إلا ميوعة وضبابية، كما أكد فيه أن السلطة ومنظمة التحرير في معسكر أعداء الأمة عندما ختم خطابه بإعلان الوفاء والولاء بالتمسك بالسلام والاستمرار في محاربة الإرهاب، وهو بذلك يؤكد الانسلاخ عن آمال أهل فلسطين وتطلعاتهم نحو التحرر والتحرير، ما يعني عدم أهلية منظمة التحرير لتمثيل قضية فلسطين وأهلها، ولا يمكن أن تملك هذا الحق تماما كأنظمة العمالة والخيانة في بلاد المسلمين، وبالتالي فهي لا تملك حق تفويض أحد في هذا التمثيل.

ونحن إذ نؤكد أن قضية فلسطين قضية أمة، والأمة الإسلامية لا يمكن أن تقبل التفريط بفلسطين، فإننا نؤكد كذلك أن الأمة قادرة على إخراج قادة أهلاً لتحرير الأرض المباركة، أرض الإسراء والمعراج، قادة أمثال الفاروق عمر بن الخطاب، وصلاح الدين، والسلطان عبد الحميد، قادة يقودون الجيوش الجرارة في ظل خلافة على منهاج النبوة، خلافة تقاتل يهود وتنهي شرورهم وتحرر الأقصى وتعيده إلى حياض المسلمين. وإن ذلك كائن لا محالة، مهما تخاذل المتخاذلون ومهما انبطح المنبطحون، ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً.

2020-9-26