ومن الواضح أنّ قول أمين التنظيم في الحزب الحاكم " أنّ صبر مصر ينفد لأن دم أحد أبنائها أهدر وأنّ مقتل الجندي المصري أوجع قلوب المصريين جميعاً وأبكاهم فرادى وجماعات". هو محاولة يائسة من النظام المصري من خلال حزبه لإشعال نار الغضب والكره عند المصريين تجاه إخوانهم في غزة. وقطعاً ليس الأمر حرصا منه على سيادة مصر التي تنتهك صباح مساء من قبل يهود وعملياتهم على الحدود، ولا حباً منه للجنود المصريين الذي جعل منهم النظام حراساً لحدود سايكس- بيكو، ولأمن يهود.
ولكنّها محاولة لامتطاء الحادثة البشعة التي يرفضها المسلمون في مصر وفي غزة بلا شك، استغلال الحادثة من أجل تبرير أفعال النظام المصري المخزية، كبناء الجدار الفولاذي مؤخراً، وكوقوفه مع دولة يهود في حصار أهل غزة والتضييق على المسلمين أطفالاً ونساء وشيوخاً.
فالنظام في مصر يشعر بالقلق البالغ إزاء التعاطف الشديد من الشعب المصري مع إخوانهم في غزة، فوجد في هذه الحادثة ضالته من أجل التفريق بين أهل مصر وغزة الذين يعتبر كل واحد منهم نفسه أخاً وشقيقاً للآخر، وذلك حفظاً لوجه النظام المصري المقيت عند المسلمين عامة وعند أهل مصر خاصة.
فالنظام المصري يريد أن يرسخ فكرة الشعبين، اللذين يحمل كل واحد منهما همومه وتطلعاته المختلفة عن الآخر، ليفرغ بذلك صفحته من وجوب تحركه لنصرة أهل غزة المظلومين بعد أن يبرهن للشعب المصري بأنّ غزة قد تصبح عدوة لهم إن لم يتخذ النظام المصري كافة احتياطاته.
هذه هي الغاية الدنيئة التي يريد النظام المصري تحقيقها والتي تصدر لها حزبه في مجلس الشعب الذي رضي لنفسه أن يصبح عدواً للفلسطينيين كما النظام نفسه الذي يسابق يهود في التآمر على أهل فلسطين.
ولكن نسي هؤلاء أنّ الأمة الإسلامية رغم الحدود التي حرص الغرب وحكام المسلمين على ترسيخها، ما زالت هذه الأمة تنبض بنبض واحدٍ، تستشعر بين اللحظة والثانية أنّها أمة واحدة يجمعها دين واحد ونبي واحد، وستجمعها دولة واحدة في القريب. وهذا ما يقلق الأنظمة ويهددها.