تعليق صحفي

"كورونا" يفضح الرأسمالية ويكشف عوراتها

بينما تتكثف التدابير الصارمة عبر العالم لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد، يفتقر ثلاثة مليارات شخص إلى أبسط الأسلحة للوقاية منه، أي الماء والصابون، كما يقول خبراء أمميون. وتسبب وباء "كوفيد-19" الذي ظهر بالصين نهاية العام 2019، في إصابة أكثر من ربع مليون شخص في العالم ووفاة أكثر من 10 آلاف. وباتت أوروبا البؤرة الجديدة لتفشي الوباء فأغلقت حدودها وعزلت الملايين في منازلهم، لكن القلق يزداد في الدول النامية التي تعد أنظمتها الصحية هشة. وفرض قادة دول أفريقية وآسيوية قيودا على السفر وحجرا صحيا لمنع تفشي الوباء، لكن غسل اليدين بانتظام - وهو أبسط مبادئ الوقاية الذي يركز عليه العلماء - غير متاح لملايين الأشخاص. وتعتبر منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 40% من سكان العالم -أي ثلاثة مليارات نسمة - لا يستطيعون غسل أيديهم في المنزل. (الجزيرة نت).

من الواضح أن وباء كورونا بما أوصل إليه حال الدول والشعوب قد فضح الرأسمالية وأظهر فسادها في كثير من المناحي، ولو كانت هناك دولة تحمل فكرا أو حضارة بديلة كالدولة الإسلامية لهزت العالم هزا ولزلزلت الأرض من تحت أقدام الرأسمالية العفنة التي يُحتفى بها وتتخذها دول العالم نظاما لها وطراز حياة.

فعلى الصعيد الاقتصادي، أثبت الوباء كم أنّ الرأسمالية هشة ولا يحتمل الاقتصاد الذي لطالما تفاخرت به وتميزت به حتى سمي المبدأ بنظامها الاقتصادي لكونه أبرز ما في المبدأ، أثبت الوباء أنّ النظام الرأسمالي لا يحتمل هزات أو مفاجآت، وأنّ الأزمات صفة من صفاته التي لا يستطيع التخلص منها. فشاهد العالم كله حجم الخسائر والهبوط في أسواق الأسهم والبورصات، وكيف أطاحت الأزمة بشركات ومستثمرين على مستوى العالم، فضلا عن التوقعات المخيفة والتي إذا ما صدقت فستنهار بسببها دول وتنخفض أخرى.

وعلى الصعيد الإنساني، فقد أثبتت الرأسمالية أنها لم تكن ترعى يوما مصالح الشعوب والأمم، وأن جل همها كان خدمة المتنفذين ومصالح الحيتان في عالم المال والأسواق، حيث برز بشكل جلي حجم المأزق والضائقة التي وقعت فيها الشعوب وباتت مهددة بالفقر والبطالة والجوع، ولنا في هذا الخبر مثال صارخ على عدم إنسانية الرأسمالية، حتى تركت 40% من سكان العالم لا يملكون الماء والصابون في بيوتهم كأدنى درجة مقبولة للوقاية من الوباء، في حين يسبح العالم على تريليونات الدولارات وبارونات المال!!

حقا كم أن الرأسمالية مجحفة وفاسدة، ومبدأ لا إنساني، ولولا حفنة الحكام والمجرمين والمتنفذين لكان مكان الرأسمالية حاويات القمامة ومزابل التاريخ، وما أحوج العالم إلى حضارة الإسلام، حضارة العلم والرقي والنهضة والرحمة والعدل والطمأنينة. نسأل الله أن يعجل بوصول الإسلام إلى سدة الحكم ليعيد للبشرية سعادتها ويخلصها من براثن الرأسمالية وجحيم الحكام.

24/3/2020