تعليق صحفي
نتنياهو وترامب يواصلان رسم الخريطة كما يحبان دونما اكتراث بأحلام السلطة ومشاريع التفريط القديمة!
أعلن رئيس وزراء كيان يهود، بنيامين نتنياهو أنه سيفرض السيادة (الإسرائيلية) على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت في الضفة الغربية في حال إعادة انتخابه في 17 سبتمبر، حيث قال في خطاب موجهة للناخبين "إذا تلقيت منكم تفويضاً واضحاً للقيام بذلك...أعلن اليوم نيتي إقرار سيادة إسرائيل على غور الأردن وشمال البحر الميت...هذا مهم لأن هذه هي الحدود الشرقية لإسرائيل، مع هضبة الجولان التي اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادتنا عليها"، وأضاف "يجب علينا أن نصل إلى حدود ثابتة لدولة (إسرائيل)" وأشار نتنياهو إلى أن ذلك يتم بالتنسيق مع واشنطن.
إن نتنياهو بهذه التصريحات عن الغور وشمال البحر الميت والتي تلت تصريحاته في مدينة الخليل "سنبقى هنا إلى الأبد" وما سبقها من تصريحات في المستوطنة المقامة على أراضي محافظة سلفيت حيث وعد بضم مستوطنات الضفة وتوسعتها، وما سبق ذلك من تصريحات له كذلك عن نية ضم مناطق (ج) في الضفة إلى السيادة (الإسرائيلية)، يكون قد أغلق الباب أمام الذين لا زالوا يتمسكون بمشروع حل الدولتين وأمام كل من لا يزال ينافح ويدعي بأن نافذة (السلام) لم تغلق بعد ولا زال فيها ثقب للمرور!!
إن نتنياهو بهذه التصريحات قد طبق مقولة "لقد قَطَعَتْ جهِيزةُ قولَ كلِّ خَطيبٍ"، فالكلام في خطابه اليوم كان واضحا وجليا بأنه يرى في صفقة ترامب فرصة سانحة لتحقيق أطماع يهود، حيث قال "هذه فرصة ثمينة لنا ولأول مرة تأتي ولن تكون لنا حتى 50 سنة مقبلة"، وهو ما يؤشر إلى أن صفقة القرن قد صيغت بما يخدم يهود ويحقق أمانيهم وأمنهم والسماح لهم بتوسيع سيادتهم بشكل رسمي وبغطاء من الدولة الأولى في العالم وتحت مسمى صفقة سلام على حساب قضية فلسطين وتضحيات أهلها!!
لقد باتت المواقف واضحة، فموقف الولايات المتحدة هو الدعم المطلق لكيان يهود وتقديم الهدايا له فيما يخص قضية فلسطين وإشراكه في التحالف الإقليمي الذي تعده أمريكا في المنطقة لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وموقف كيان يهود هو قبول الهدايا والترحيب بالانخراط في التحالف الإقليمي، وأما السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير فموقفهما هو مزيد من التضليل والتمسك بالسلام الكاذب ومشروع الدولتين الذي أصبح –بصيغته القديمة- تحت أقدام ترامب بعد أن استخدم هذا المشروع لتضليل الأمة الإسلامية عشرات السنين وسهل الطريق أمام كيان يهود والولايات المتحدة ليستفردوا بفلسطين وأهلها وفتح الطريق أمام الحكام الخونة ليبرروا تقاعسهم وخيانتهم وتكبيلهم للجيوش، ومنع تحركها بحجة وجود ممثل شرعي ووحيد للقضية!!
إن الحوادث لا زالت تثبت لمن يراهن على طريق السلام الذي سارت وقبلت به منظمة التحرير أنه طريق آثم لم يجلب على المنظمة ورجالاتها إلا سخط الرب والذل والمهانة والاستسلام والخنوع، وليس أدل على ذلك من وقوف المنظمة وسلطة عباس موقف الذليل في هذه اللحظات التي يُداس فيها على أحلامهم ومشروعهم الوطني بعد أن جلب على أهل فلسطين البؤس والشقاء وتحول إلى غطاء للصوص والخونة والمتاجرين بدماء أهل فلسطين وتضحياتهم.
لقد آن الأوان لأهل فلسطين أن ينفضوا ويفضحوا كل من يسعى للتضليل ويروج لما يسمى بالمشروع "الوطني" ويتحدث عن القضية بمنظور وطني ضيق ويطالب بلا خجل بمشاريع أصبحت تحت أقدام من خططها وحبكها، وعليهم أن يقولوا كلمتهم التي ترضي ربهم وتغيظ أعداءهم وهي أنّ أرض فلسطين ملك لأمة الإسلام كاملة وأن القضية ليست قضيتهم وحدهم وليست قضية وطنية أو سلطوية بل قضية إسلامية وقضية كل المسلمين، وعلى المسلمين أن يستجيبوا لأهل فلسطين وللمخلصين وأن يستنفروا طاقتهم لإسقاط حكامهم العملاء وتحريك جيوشهم المكبلة لتقوم بواجبها وتتحرك من فورها لاقتلاع كيان يهود من جذوره ولتدوس على مشاريع ترامب وأذنابه وعملائه، فالمكر عظيم والمسارعة للتصدي له واجبة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
11-9-2019