الثلاثاء 10 جمادى الأولى 1446هـ 12/11/2024 م رقم الاصدار: ب/ص- 11/1446
رغم أن أهل غزة طالما ارتفعت أصواتهم بالصرخات، واستغاثوا آلاف المرات، وسألوا عن أمة المليارين وعن أخوة الدين، لكنهم قطعاً لم يكونوا لينتظروا الإجابة من قمة كقمة الرياض، ولا عوّلوا يوماً عليها ولا على المتآمرين فيها بأن يكونوا جهة تجيب دعواتهم وتنصر استغاثاتهم، بل كانوا يوقنون، كما أيقنت الأمة جمعاء، بأن هؤلاء العملاء سيخذلون ويتآمرون، ويستجدون ويتذللون، وإن خرج منهم شيء فهو ليس إلا نتن المؤامرة على فلسطين وأهلها، وتصفية قضيتها لصالح كيان يهود المجرم.
ورغم أن مشهداً واحداً من غزة كان يكفي لأن يحرك دولاً وجيوشاً، ويقلب وجه الأرض، ولكن أمة الإسلام ليس عندها أدنى رجاء في أن يكون ذلك من حكام اجتمعوا على خذلان غزة في الرياض مرة أخرى.
لم ولن يكون أمل أهل فلسطين منعقداً على حكام أسلموهم لقاتلهم، وظاهروا على قتلهم وجوعهم وحصارهم، وأمدوا عدوهم بكل أصناف وأنواع المدد ليبقى قائما، أمدوه بكل مدد ليدمر أبنية بساكنيها، ويمحو من غزة معالمها.
لم تكن استغاثات غزة موجهة لهؤلاء الذين خذلوها وباعوها ليهود، ولم تكن آمالها منعقدة عليهم، وهم العملاء الذين تسلطوا على الأمة، وسلمهم الاستعمار مقاليد الحكم جبراً وكرهاً على غير رضاها. إنما كان أملها في أمة الإسلام وجندها أن يتجاوزوا أولئك الظالمين الشاحذين سكاكين عدونا لذبحنا، وإن أهل فلسطين لم يفقدوا الأمل في أمة تبكي على أهل غزة بكاء الأم على ولدها، وتتحرق لنصرتها.
لم يفقد أهل غزة الأمل في أن تجمع الأمة شتات شرر الألم في نفوس أبنائها، وركام الغضب في رجالها، فتحوله إلى نار تلظى في وجه الحكام والأنظمة الخائنة. لم يفقد أهل فلسطين الأمل في أن تساوي أمتهم الثائرة بين مصير المجتمعين في الرياض ومصير مبارك وبن علي والقذافي، بل لا يزال عندهم الأمل في أن يخرج الله من هذه الأمة رجالاً يقلبون الحالة ويغيرون المعادلة، فيقولون: اليوم يوم المعركة، اليوم الملحمة، اليوم رفع المظلمة، اليوم يوم التحرير.
إن أهل فلسطين إن كانوا قد فقدوا الأمل ولو في ذرة من عون أو بصيص غوث، عوضاً عن نصرة غزة من حكام الخذلان، فإنهم لم يفقدوا الأمل في إخوانهم وبني أمتهم، وإن لاموهم وعاتبوهم، وهل العتاب إلا لمن يرجى خيره ولو تأخر؟
وبعد، أما آن لكم يا أمة الإسلام وجند الإسلام أن تكونوا عند ظن غزة ومسرى رسول الله ﷺ بكم؟! آما آن لكم أن تنصروا الله ورسوله وتثقوا بأن الله ناصركم إن نصرتم إخوانكم، نصراً يسير فوق عروش الظالمين المتآمرين في الرياض، نصراً تقام به دولة الإسلام وترفع فيه راية الإسلام والجهاد، فتكونوا فيه أهل التحرير وأهل التغيير، ويرفع الله بكم البلاء ويتنزل نصر الله عليكم ويتحقق وعد الآخرة؟! ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في الأرض المباركة فلسطين