السبت 27 ربيع الآخر 1445هـ 11/11/2023 م رقم الاصدار: ن/ص- 08/1445
بعد ستة وثلاثين يوماً من حرب الإبادة المجرمة التي يشنها كيان يهود على غزة وأهلها، ومن صمود أبطال غزة وقد أبطأ عنهم المدد، تداعى حكام العرب والمسلمين لعقد "قمة طارئة غير اعتيادية!" في الرياض، وبينما تجري قمتهم، كانت دبابات كيان يهود في الأثناء، تحاصر مجمع الشفاء الطبي لتجهز على المرضى فيه، ويموت الرضع في الحاضنات لقلة الأكسجين، وآلة حربه تفتك في أرجاء قطاع غزة الحبيب.
لقد كانت هذه القمة حقا غير اعتيادية، بما طفحت به من وقاحة تجاه الحدث الجلل، ومن وهن وخور وخذلان، مع أن الناس قد اعتادت قاموسهم الطويل من كلمات الإدانة والرفض والشجب عبر السنين، ونتائج قممهم المخزية، فقد تبادلوا كلمات الخذلان بينهم، فتناوبوا وصف الأحداث كما يصفها الصحفيون، ولم يَفُتْهُمْ خلال الوصف أن يتباكوا على "القانون الدولي" وانتهاكه، والتألم على "المدنيين" من الجانبين؛ مساوين بين أهل الأرض المباركة والمحتلين الغاصبين! ولقد كان كلامهم يقطر خذلانا وخيانة وجبناً وتبعية لأمريكا، وهم في موطن الحرب والإبادة يتكلمون عن "المساعدات الإنسانية"، وعن مطالبة المجتمع الدولي بقيامه بواجبه في وقف المعركة! بل إنهم من ذلّهم يطالبون أمريكا بذلك، وكأن أمريكا والمجتمع الدولي ليسوا هم الداعم لكيان يهود بالمال والسلاح والغطاء، والمشارك المباشر في العدوان، وكأن هذا المجتمع الذي يناشدونه ليس هو العدو ذاته، وليس هو الذي يمد هذا الكيان بجسر جوي وبحري وبري بأعتى آلة القتل والدمار ليفتك بغزة وأهلها!
ولقد كان كلامهم كذلك يقطر بالخيانة والتآمر، وهم يسعون إلى أن يصب شلال الدماء الزكية في وعاء حلول التصفية الأمريكية، وهم يتكلمون بلسان بلينكن عن حل الدولتين، وفي استغلال المذابح للتصفية، بل لقد كانوا من وقاحتهم يتحدثون عن إعادة الإعمار ويد الدمار تعيث فسادا، وعن الانتخابات والدماء تسفك، وعن التبرعات والتسول والمال، والأنفس تزهق، وكأنهم يفوضون كيان يهود بالاستمرار ولسان حالهم يقول "هذا كل ما عندنا"، فبئس ما يصنعون!
كان هذا أقصى ما قدمه "زعماء" العالم الإسلامي ذي المليارين في قمتهم، وهم الذين تحت سلطانهم ملايين الجنود وآلاف الدبابات والطائرات! لقد خلت "القمة العربية الإسلامية" من مروءة العرب، ومن حمية الإسلام، ولقد شهدوا على أنفسهم أنهم الرأس الفاسد لهذه الأمة، وأنهم أشد بلاء على الأمة مما يقع على غزة، على شدته، ورسالتهم لها في هذه القمة أنهم لا يغنون عنها أمام عدوها شيئا، رغم ملايين الجنود تحت سلطانهم، وأن الأمة إذا أرادت أن ترد عن نفسها الضيم، فإن أول خطوة في ذلك هي الخلاص من هؤلاء الذين يكبلونها ويمسكونها للذبح.
إن خير أمة أخرجت للناس، أمة الإقدام والعقيدة والشجاعة، لا يليق بها أن يكون على رأسها قادة جبناء عملاء كهؤلاء، وإن أمة فيها أبطال كأبطال غزة، وأمثالهم كثير في الأمة، وفيها عقيدة الإسلام، وفيها المال والرجال، والعدة والعدد، لحرام عليها أن تبقيهم رؤوسا فيها، كما أن الأمة الإسلامية ليست بحاجة إلى عشرات من هؤلاء، فالعشرات منهم لم يمنعوا سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى على يد الكيان المسخ، بل إن الأمة بحاجة إلى رجل واحد فحسب، فيه صفات الرجال المؤمنين؛ خليفة للمسلمين، وجيش واحد يؤدب الدنيا بالمعتدين، وينصر الله به الدين.
أما هؤلاء الحكام المؤتمرون المتآمرون، فإن مصيرهم وقد جعلوا هاجسهم هو بقاء عروشهم، واتخذوا اليهود والنصارى أولياء، هو إلى ندم وزوال بإذن الله، ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)