بسم الله الرحمن الرحيم
)يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُون(
لا زالت أمريكا تتحدث عن انسحاب قواتها من أفغانستان وكأنه عمل بطولي، وفي خطاب له في أكاديمية"west point" العسكرية، في الأول من كانون الأول/ديسمبر من عام 2009م، قال الرئيس الأمريكي (باراك أوباما): "ستبدأ قواتنا بالعودة إلى الوطن".
ولكن الحقيقة أن الولايات المتحدة لم تخض حرباً على مدار الاثني عشر عاماً الماضية، ولم ينزف اقتصادها وأوشك على الانهيار، ولم ترتد سمعة قواتها المسلحة في عيون العالم، لم يكن كل ذلك لتتخلى عن نفوذها في المنطقة في آخر المطاف.
إنّ أمريكا تعتمد على دعم حكومة باكستان لإبقاء نفوذها في المنطقة، تماماً كما اعتمدت عليها في غزو المنطقة في المقام الأول، فتلجأ الآن إلى سلسلة من التفجيرات والاغتيالات - التي لم تستثن القوات المسلحة أو المدنيين، من النساء والأطفال والشيوخ، المسلمين وغير المسلمين، في الأسواق أو أماكن العبادة - حتى توفر لعملائها في القيادة السياسية والعسكرية عذراً لإقحامنا في هذه الحرب على أنها حربنا، فسياسة التضليل والخداع هذه هي السمة المميزة للحرب الأمريكية، وتعرف مثل هذه الهجمات باسم "الهجمات المزيفة"، والتي يتم فيها القيام بهجمات تفجيرية من أجل الحشد لدعم الحرب، وبهذا يخادعون الناس وهم يقفون على جبال من جماجم الناس ((...قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(( !
إنّ المتابع الواعي على الأحداث يعلم بأن أمريكا دائماً ما تستغل موجات العنف لكسب التأييد لحربها، ففي الأول من كانون الأول/ديسمبر 2009م، قال أوباما: "من كان يظن بأنّ المعركة ضد التطرف ليست معركته، فإنّ قتل الأبرياء في باكستان، من كراتشي إلى إسلام آباد، يؤكد بأنّ شعب باكستان هم الأكثر تعرضاً للتهديد والأذى من التطرف".
ثم بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من التفجيرات والاغتيالات، وفي 12 من تشربن الأول/أكتوبر 2012م، قالت فيكتوريا نولاند (المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية): "من الواضح أنّ المبرر الذي يحتاجه الشعب الباكستاني للمساعدة ضد الإرهاب، يصعب تحقيقه من أجل الخروج من هذه المأساة الرهيبة".
كما أنّ المتابع الواعي يلاحظ أنّ هذه الهجمات التي تستهدف أسواقنا وبيوتنا وقواتنا المسلحة وشعبنا، تستثني الوجود الأمريكي بمختلف أشكاله، سواء أكان مكتباً، أم وكالة مخابرات مركزية، أم مكتب تحقيق فيدرالي، أم قاعدة للطائرات بدون طيار، أم مركز قوات عسكرية خاصة مثل "بلاك ووتر"، أم سفارة وقنصلية أمريكية.
كما أنّ المتابع الواعي يعلم بأنه لم يسبق لنا أن كنا نعاني من مثل هذا الدمار على نطاق واسع قبل الوجود الأمريكي بيننا، ولا يوجد مسلم صادق يمكن أن يتصور أن يكون وراء هذه العمليات المجرمة مسلم موحد لله سبحانه وتعالى، فالمسلمون جميعهم يحفظون عن ظهر قلب قوله تعالى: ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)).
ويحفظون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يأمر فيه بحماية غير المسلمين من أهل الذمة، حيث قال: ((أَلا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَلا يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا))
إنّ أمريكا ترتكب التفجيرات والاغتيالات داخل باكستان من خلال مساعدة حفنة من الخونة في القيادة السياسية والعسكرية، خونة من أمثال مشرف، وكياني، وزرداري، ونواز شريف.
لقد بدأت أمريكا أولاً بفتح الأبواب لشبكة أمريكية ضخمة في المجال العسكري والقوات العسكرية الخاصة والاستخبارات، وتعرف هذه الشبكات الأمريكية في جميع العالم لدورها الخبيث في إيجاد حالات الفوضى، من أمريكا الوسطى إلى الشرق الأقصى، وأعمالها هي الاغتيال والتفجير، بالإضافة إلى ذلك تقوم باستمالة العملاء لاختراق الجماعات المسلحة من أجل تشويه سمعة المقاومة المخلصة، التي تقاوم احتلال أمريكا لأفغانستان.
ليست لدى أمريكا النية في التوقف عن هذه التكتيكات الإرهابية والشريرة، وأمريكا تعتزم الحفاظ على وجود كبير لقواتها العسكرية والاستخباراتية والقوات العسكرية الخاصة داخل باكستان وأفغانستان حتى بعد عام 2014م، وليس هذا فحسب، بل وتقوم بتوسيع نطاق وجودها من خلال بناء ثاني أكبر سفارة أمريكية في العالم في إسلام آباد، إلى جانب تسع قواعد عسكرية أخرى في أفغانستان، فضلاً عن 120,000 جندي وموظف في منطقتنا.
وبالتالي فإنّ أمريكا تواصل حربها على باكستان لأنها لا تثق بنا، ولا بقواتنا المسلحة، ولا باستخباراتنا، ولا تعتمد بالكامل على العملاء والخونة في القيادة العسكرية والسياسية، فأمريكا تدرك جيداً عظمة المشاعر الإسلامية القوية في قلوبنا، وتدرك سخطنا الكبير عليها من الظلم والقهر الذي عانيناه على أيديها، وتدرك أنّ الأمة بأكملها تتوق للخلافة، وهذه الحقيقة هي التي تبقيهم متيقظين على مدار الساعة، في سوريا وباكستان، وشتى بلاد المسلمين.
ولذلك فإنّ أمريكا تستخدم التفجيرات لخداع الناس وقهرهم ولإضفاء الشرعية على وجودها والتوسع في البلد الذي يقع على عتبة أقوى البلدان الإسلامية، ومن خلال ما يسمى مفاوضات "السلام"!
أيّها المسلمون في باكستان!
لن نعرف السلام أبداً ما بقيت أمريكا بيننا، والخونة في قيادتنا سيستمرون في تضليلنا بالإشارة بأصابع الاتهام هنا وهناك، ولن يشيروا أبداً إلى السبب الحقيقي والجذري لما نعانيه، ألا وهو الوجود الأمريكي.
نحن نعلم بأن أمريكا لن تغادر بلادنا بمحض إرادتها، كيف تفعل وهي التي اعتادت على النهب والسلب، بل يجب إخراجها بالقوة، وطرد كل قاعدة عسكرية وقنصلية ومكتب تابع لها، فهي لن تترك البطش بنا إلا بقلعها كلياً، قال الله سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ - إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)).
أيها الضباط في القوات المسلحة الباكستانية!
لقد أقسمتم بالله على حماية هذه البلاد الإسلامية وشعبها، وها هي البلاد قد دنست، والعباد قد قتّلوا، والأمر شاخص بين أيديكم، فلا تقولوا فات الأوان، فبأيديكم التخلي عن القتال لصالح الأمريكان، وكشف الخداع، وحماية الناس من الأذى، وتطهير هذه الأرض (باكستان).
فما عليكم إلا إعطاء النصرة لحزب التحرير بإمرة العالم الجليل، ورجل الدولة البارز، الشيخ عطاء بن خليل أبو الرشتة، وعندها ترضون الله بصنيعكم هذا، وتطردون الصليبيين من باكستان والمنطقة جميعها، وتتخلصون من قواعدهم الاستخباراتية والعسكرية.
إن حزب التحرير بين ظهرانيكم ويدعوكم للخلافة، وها قد وصلتكم دعوته، فأجيبوا داعي الله!
((إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد)).
20 من ذي الحجة 1434
الموافق 2013/10/25م
حزب التحرير
ولاية باكستان